أغاني الأفراح في الريف المصري

 

(ما تزال مؤجلة).. قصيدة للشاعر محمود شحاتة

ستون عامًا والحقيقةُ مُغفَلَة

شعبٌ يُعالجُ في القُيُودِ المُقفلة

إن كنتَ تُدركها، فلستُ بِمُدَّعٍ  

أو كنتَ في شَكٍّ فدونك أمثلَة

ذكرى تمرُّ على البلاد كئيبةٌ

في كلِّ مُنعطَفٍ تُثيرُ الأسئلة

يروي لنا التاريخُ أبشعَ قصَّةٍ

تَصِفُ البُطولةَ في سَوادِ المَرحَلة

سالت دماءُ شُهُودها فوق الثَّرَى

ومضى دُعاةُ الحقِّ نحو المِقصَلَة

كم في ربوعِ بلادنا من جَائعٍ

يُدمي القلوبَ وكم بها من أرملة

أوت اليتامى حين غابَ وليُّهُم

وتولَّت الدُّنيا وكانت مُقبلة

عصَفَت بهم سُبُلُ الحَيَاة فما دَرَوا

مَشيًا يَسيرُ زَمَانُهُم أم هَرولة

هامانُ صَرحُكَ في البريَّةِ نَاقصٌ

وَنَدَاكَ غَثٌّ والنتيجَةُ مُخجِلَة

والجُندُ حولك والسِّلاحُ مُسَدَّدٌ

والناس تُلهبُهَا السِّياطُ لتُكمِلَه

لكنَّها الدُّنيا تُراوغُ أهلَهَا

وتَمُرُّ تحتَ عُيُونِهم مُتَسلِّلَة

موسى يمينَ الطُّورِ يَهتِفُ داعيًا

فيُجيبُ كُلَّ دُعَائِهِ من أرسَلَه

ما كان يَملِكُ حينَ أدرَكَ قَومَهُ

بعدَ الإرادةِ – مِدفَعًا أو قُنبلة

شعبٌ أضاعَ مع الجَهَالةِ حُلمَهُ

لتَدُكَّ أسرابُ الخِيانَةِ مَعقِلَه

رَقَصَ البُغَاةُ ضُحًى على أشلائه

وأبت نُفُوسُ رِجَالِهِ أن تَخذُلَه

ما زال وَحشيٌّ يُعِدُّ سِلاحَهُ

من خلفِ حَمزةَ في الظلام ليَقتُلَه

عبدٌ تَمَادَى في الغِوايَةِ مُرغَمًا

ليَنالَ من بَعدِ الإهانَةِ مَنزلَة

يا هندُ جُرحُكِ غَائرٌ دونَ الوَرَى

مادام عُتبَةُ في التُّرابِ وحَنظَلَة

في كُلِّ زاويةٍ تَمُرُّ جَنَازةٌ

وبكلِّ ناحيةٍ تُطالعُ مُعولَة

والفقرُ حاصَرَنَا وليس بِوسعِنَا

إلا البُكاءُ على بَقايَا المَهزَلَة

حسانُ هَبني من قَريضك قَطرةً

تَروي الفُؤادَ ومن أياديكم صِلَة

فلقد شَقيتُ بِكُلِّ بَيتٍ من فَمِي

أبقَى العُيُونَ حَزينَةً مُتَوَسِّلَة

تَستَعطفُ المَاضِي وتَطلُبُ صَفحَهُ

رَغمَ الهزيمةِ والجُفُونِ المُسبَلَة

أنا لا أقولُ غدا سَيَطلعُ فَجرُكُم

فتعودُ أسرابُ الطيُورِ مُهَلِّلَة

تَطوي السَّماءَ بأجنُحٍ خَفَّاقةٍ

وتَمُرُّ ما بين الخَمَائلِ مُوغِلَة

لكنَّني بالحقِّ أُقسِمُ مُعلنًا

أنَّ النِّهايَةَ ما تزالُ مُؤجَّلَة

الشاعر/ محمود شحاتة