القادة والأتباع
من تعريفات القائد أنه "الشخص الذى له أتباع"، ولا أتذكر من الذي قال "لولا الأتباع لكان نابليون بونابرت مجرد رجل يرتدي قبعة".فماذا يتوقع الأتباع من القائد؟
في دراسة تمت على عدة آلاف من الموظفين والعاملين في مختلف المؤسسات والشركات والهيئات، جرى سؤال هؤلاء الموظفين ما الذي تتوقعه من مديرك أو قائدك، وما هي أهم الصفات التي ترى أنه يجب أن تتوافر في هذا المدير أو القائد.تضمنت إجابات الموظفين والعاملين عناصر وصفات كثيرة، يتمنون أن تتوافر في مديريهم أو قادتهم، أو بمعنى آخر يتطلعون لوجودها في هؤلاء المديرين والقادة.
الصفات أو المواصفات الأهم للقائد من وجهة نظر هؤلاء الموظفين، وحسب النسبة المئوية لإجاباتهم كانت النزاهة (87% من الإجابات)، الكفاءة (74%)، النظرة المستقبلية أو الرؤية (67%)، ثم الإلهام (61%).
النزاهة
الأمانة والاستقامة، الإيمان والأخلاق، الثبات على المبدأ، تطابق القول مع الفعل، أن يصدق الناس أنك كما تقول فعلا لهم وكما تطلب منهم أن يكونوا، وألا يغرك المنصب والموقع والسلطة والسيطرة.الكفاءة
المهارة المهنية والشخصية والإدارية، معرفة كيف يمكن إدارة المؤسسة لإحداث التغيير المطلوب، إدراك كيف تحدث الأشياء، إدراك كيفية حل المشاكل، إدارة العلاقات المهنية والشخصية بين الأفراد والمجموعات، ومهارة التعامل مع الآخرين خارج المؤسسة.النظرة المستقبلية (الرؤية)
النطلع إلى الأمام فى اتجاه التغيير الجديد، القدرة على توقع المستقبل وإعطاء الإتجاه الصحيح، مشاركة القائد لأتباعه في رؤيته الخاصة، القدرة على تحديد الأهداف البعيدة، التخطيط السليم لتحقيق الهدف المنشود أو الرؤية المُتفق عليها، مع إدراك الأتباع لدورهم ولأهميتهم فى تحقيق الرؤية والمستقبل المنشود.الإلهام
قوة الشخصية (الكاريزما)، نشر الحلم الشخصي بين الأتباع، القدرة على الإقناع، إقناع الأتباع بالرؤية والخطة وبأدوراهم لتحقيقها، الوضوح والحماس والأمل، والقدرة على بناء علاقات بناءة وفعالة لتحقيق الأهداف المنشودة.في الحقيقة أن معظم الأبحاث والدراسات والكتابات حول موضوع القيادة أفادت بأن أهم صفتين والتي يجب توافرهما في المدير أو الفائد، هما النزاهة والكفاءة، فهما يعتبران وجها العملة للقيادة أو الإدارة في أي مجال، ولا يمكن الاستعناء عن احداهما، بل يعتبران هكذا أيضا في أي مهنة أو وظيفة أو مهمة.
من المدهش أن عبد الرحمن ابن خلدون (1332 – 1406)، الفقيه والقاضي والمؤرخ وعالم الاقتصاد وعالم التخطيط العمراني وأول من وضع أسس علم الاجتماع، قد ذكر في "المقدمة" الشهيرة، وهي مقدمة كنابه " كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، أهمية توافر تلك الصفتين الأساسيتين في الحاكم، وقال أن توافرهما ضرور لبناء الدولة القوية المزدهرة المتقدمة، ولو انتفت صفة منهما، لبدأت الدولة في الانهيار والسقوط ثم الزوال النهائي.
طيب هل يمكن أن نستغنى عن أحد الصفتين لصالح الأخرى؟
قال ابن خلدون أن الدولة يمكن أن تستمر وتعمر أكثر إذا كان الحاكم أو القائد كفؤا ماهرا أكثر من كونه نزيها أو أمينا، أي أن كفاءة الحاكم أو القائد مع عدم كونه أمينا أو نزيها أهم من كونه نزيها أمينا لكنه غير كفؤ في إدارة الدولة أو الفريق أو المؤسسة، أي أنه وضع قيمة الكفاءة والمهارة أعلى من قيمة النزاهة والأمانة.
د/ هاني سليمان
استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية
مدير التسويق لشركة فايزر الشرق الأوسط سابقا
مدير معهد التدريب القومي بوزارة الصحة سابقا