10
أسئلة حول "بتكوين" bitcoin والعملات المشفرة
مع
تصدر أخبار "بتكوين" bitcoin والعملات المشفرة
عناوين الأخبار الاقتصادية حول العالم، تدور أسئلة كثيرة بشأنها في أذهان الجمهور.
وفي محاولة لتوضيح بعض التساؤلات، استناداً إلى ما هو متاح في المجال العام من معلومات
موثقة، نجيب في ما يلي على بعض الأسئلة حول "بتكوين". وينسحب ذلك أيضاً على
بقية العملات المشفرة:
1- هل هي عملة أم لا؟
"بتكوين"
ليست عملة، إذ لا تتوفر فيها معايير العملة النقدية المضمونة من بنك مركزي يصدرها وقيمتها
مرتبطة باقتصاد بلد البنك المركزي وتتمتع باستقرار نسبي. هي أقرب لكونها أصلاً رقمياً
يتم التداول عليها وتخضع للمضاربات ويمكن تبادلها في عمليات بيع وشراء، لكن في النهاية
تتم تلك العمليات بحسب سعر الأصل الرقمي عند تحويله لعملة نقدية رسمية.
تعود
تسميتها عملة لأن التداول بها بدأ على الإنترنت الخفي، في تعاملات عصابات الجريمة المنظمة
وشراء وبيع المخدرات والدعارة وغيرها على الإنترنت المظلم (Dark
web).
ذلك لأن من ابتكرها طورها على أساس كونها شيفرة كمبيوتر مؤمنة ذات خصوصية عالية – فلا
يعرف من يملكها ولا من يتداول بها إلخ.. وتلك أهم ميزات الإنترنت المظلم حيث الخصوصية
مطلقة تقريباً.
2- من يصدر "بتكوين" ويتحكم فيها؟
لا
أحد ولا جهة تصدر "بتكوين" أو العملات المشفرة، إنما هي مركب معقد من شيفرات
برامج كمبيوتر مسجلة على شبكة غاية في التأمين تسمى "بلوكتشين". وتلك الشبكة
هي "الدفتر العام" لتسجيل عملات "بتكوين" المتوفرة.
تُنتج
كل عملة عبر عملية معقدة تسمى "التنجيم"– أي يقوم شخص بعمل يشبه استخراج
المعادن، لكن في هذه الحالة يستخرج وحدة برامجية على شبكة البلوكتشين للعملة. وتحتاج
تلك العملية لحواسيب قوية تعمل لفترات طويلة.
وكلما
زاد عدد وحدات العملة المشفرة زادت عملية التنجيم تعقيداً واحتاجت لفترات أطول وقدرات
وطاقة أكبر. ومن ابتكر برمجية الـ"بتكوين" في البداية حدد عدداً نهائياً
لها، فهي في النهاية لا يمكن أن تزيد على 21 مليون عملة "بتكوين".
وتعود
فكرة "عدم مركزية العملة" - أي ألا تكون منظمة من أي جهة وتصبح مطلقة الخصوصية
- لبعض الاقتصاديين الليبراليين النمساويين ومنهم فريدريك فون هايك الحائز على جائزة
نوبل في الاقتصاد عام 1974. ويعتقد أن من طوروا "بتكوين" تأثروا بأفكاره.
وبعد
أن طورها مجهول عام 2008 وبدأ استخدامها في تعاملات الإنترنت المظلم في 2009، تأسست
في 2012 مؤسسة "بتكوين" وسجلت في الولايات المتحدة كجمعية غير ربحية. وهي
مجموعة من المبرمجين والمطورين لبرامج الكمبيوتر يقومون بتحديث شبكة البلوكتشين. لكن
المؤسسة لا تتحكم في العملة ولا في من يستخدمها.
3- من يستخدم "بتكوين"؟
يمكن
لأي شخص أن يستخدم "بتكوين"، وكل ما يحتاجه هو عمل محفظة إلكترونية على موقع
"بتكوين".
ويمكن
لأي شخص أن يقوم بعملية "التنجيم" للحصول على عملة، لكن ذلك طبعاً يحتاج
إلى قدرات إلكترونية هائلة واستهلاك طاقة عالي الكلفة حتى يتمكن المستخدم من الحصول
على "بلوك" على شبكة البلوكتشين ويتم تدقيق وإقرار البلوك من كل البلوكات
على الشبكة.
وإذا
كان ذلك في البداية يحتاج أياماً من عمل أجهزة كمبيوتر قوية طوال الوقت فربما يأخذ
ذلك عدة أشهر.
لذا
يلجأ البعض لما يسمى "التنجيم المشترك"، أي تقوم مجموعة بربط أجهزتها معاً
لتقليل الوقت حتى الوصول إلى تكوين عملة على الشبكة.
في
البداية، ولأكثر من عامين، كانت "بتكوين" معروفة للمتعاملين على الإنترنت
المظلم، حتى استُخدمت لأول مرة عام 2010 من قبل أحد مبرمجي الكمبيوتر في شراء بيتزا.
وقبل
فترة وجيزة، ومع التذبب الهائل في سعر العملة المشفرة، أصبحت وجهة للمستثمرين المغامرين
لشرائها بانتظار ارتفاع سعرها ثم بيعها وتحقيق أرباح طائلة وصلت في الآونة الأخيرة
إلى عشرات المليارات.
4- هل تستخدم في التعاملات أم للاستثمار فقط؟
في
البداية كانت تستخدم في التعاملات على الإنترنت المظلم كمقابل للسلع والخدمات، غير
القانونية في الأغلب. وفور إطلاقها، أصبحت عملة التداول الرئيسة على أشهر مواقع التسوق
على الإنترنت المظلم المعروف باسم "طريق الحرير".
ذلك
بالطبع لأنها توفر للمستخدمين من بائعين ومشترين خصوصية مطلقة، ويظل الجميع مجهولاً
ويصعب مراقبته. لكن في السنوات الأخيرة أصبحت أصلاً استثمارياً، مثل الأسهم والسندات،
يتميز بعدم استقرار شديد.
ونتيجة
القفزات الهائلة في سعرها، من بضع دولارات قبل عقد من الزمن إلى أكثر من 50 ألف دولار
الآن، تتركز التعاملات فيها على مضاربات المستثمرين المغامرين. فكلما زادت المخاطر
زادت الأرباح السريعة.
ولأن
عملة "بتكوين" مثلاً لها سقف نهائي لعدد وحداتها، فاحتمال ارتفاع قيمتها
مع زيادة الطلب عليها يجعلها أصلاً استثمارياً رقمياً أكثر منها عملة تداول.
ولاحظت
شركات الأبحاث والدراسات التي تتابع "بتكوين" تراجع استخدامها على الإنترنت
المظلم منذ عام 2017. وفي السنوات الثلاث الأخيرة انخفض عدد معاملات "بتكوين"
والوحدات المستخدمة على الإنترنت المظلم بأكثر من الثلث.
يشار
أيضاً إلى أن بعض السلع والخدمات يمكن أن تقبل الدفع مقابلها بـ"بتكوين"
أوعملات مشفرة، وهناك شركات أعلنت عن خطط لبدء قبول الدفع مقابل منتجاتها بـ"بتكوين".
5- ما مدى أمان التعامل في "بتكوين"؟
شبكة
بلوكتشين مصممة لتكون مؤمنة بشدة، حتى أن بعض الحكومات فكرت في استخدامها في بعض أعمالها
الحساسة التي تحتاج إلى تأمين شديد. ولأنه ليس هناك خادم مركزي للشبكة التي تسجل عليها
العملة، فإن تخزينها موزع بين حواسيب من يملكون العملة ويتعاملون بها.
كما
أن العملات المشفرة لأي شخص تستخدم درجتين من كلمات السر المعقدة، وعبر طبقتين من التشفير،
ما يجعل التعامل مؤمناً إلى حد كبير. لكن بالطبع كل شيء على الإنترنت عرضة للاختراق،
حتى مع استخدام أقوى برامج التأمين.
وفي
يوليو (تموز) من العام الماضي حدث اختراق لحسابات مشاهير على موقع "تويتر"
في عملية قرصنة لعملات "بتكوين" من بينها حساب الرئيس الأميركي الأسبق باراك
أوباما، وحساب صاحب شركة "تيسلا" للسيارات الكهربائية إيلون ماسك. وحُولت
عملات "بتكوين" بمئات آلاف الدولارات لحسابات مزيفة.
وفي
النهاية، يعد تأمين محفظة العملات المشفرة لكل شخص مسؤوليته. كما أن مسألة المجهولية
التي تميز "بتكوين" تجعل عمليات التزوير الإلكتروني سهلة.
إنما
ما ينطبق على محافظ العملات المشفرة وتداولاتها على الإنترنت ينطبق على كل التعاملات
عبر الإنترنت. وكلما تطورت برامج الحماية والتأمين يطور القراصنة أدواتهم.
6- هل يمكن أن تضيع أو تسرق؟
سرقة
"بتكوين" صعبة جداً، أولاً نتيجة الأمان الشديد للشبكة المسجلة عليها – بلوكتشين
– إضافة إلى تأمين الاستخدام بنوعين من كلمات المرور وكلمات السر. لكن بالطبع ليس الأمر
مستحيلاً، وكل يوم يطور القراصنة برامج خبيثة وفيروسات وغيرها تمكنهم من اختراق مواقع
وحسابات على الإنترنت.
لكن
ضياع العملات المشفرة وارد أكثر، خاصة لو نسي المستخدم كلمات المرور. وفي هذه الحالة
تصبح العملات في محفظته غير مستعملة ولا يمكن استردادها. ففي عام 2013 نشرت وسائل الإعلام
خبراً عن أن أحد المستخدمين فقد 7 آلاف و500 عملة "بتكوين" بعد ما تخلص من
قرص صلب لجهاز الكمبيوتر كان عليه كلماته السرية للمرور لمحفظته المشفرة. وتشير بعض
الدراسات إلى أن نحو ربع عملات "بتكوين" على شبكة "بتكوين"
"ضاعت"، أي أصبحت مفقودة ولا يمكن استردادها.
هناك
أيضاً إمكانية كشف المستخدم لكلمات المرور السرية، سواء لأي شخص آخر أو لاحتفاظه بها
على ورقة يمكن أن يعثر عليها غيره. وحتى نهاية عام 2017، يقدر أن نحو 980 ألف عملة
"بتكوين" سُرقت من بورصات العملات المشفرة إما بالوصول لكلمات المرور السرية
أو سرقتها.
7- هل هي ملاذ تحوط مثل الذهب؟
يقول
المتحمسون للعملات المشفرة، إن "بتكوين" وغيرها أداة تحوط في مواجهة مخاطر
التضخم الذي يجعل القيمة الشرائية للعملات النقدية الوطنية تتآكل. ولأن "بتكوين"
مثلاً محدودة بسقف لكمية المعروض منها، فهذا يعني أنها يمكن أن تكون أداة تحوط وملاذاً
آمناً للقيمة.
أما
مقارنتها بالذهب كملاذ آمن وأداة تحوط في مواجهة مخاطر التضخم فهي لصالح الذهب لاعتبارات
عدة. أولاً، لأن سعر الذهب أكثر استقراراً، وبالتالي فهو وسيلة تحوط جيدة.
ثانياً،
لأن الذهب في النهاية له وجود مادي ملموس مقارنة بـ"بتكوين"، والذهب منظم
وخاضع لقواعد مضمونة في التعاملات فيه واستخدام الحكومات له ضمن احتياطياتها من الثروة
الوطنية.
وفي
النهاية، يعتمد الأمر على متى تشتريها- وسعرها عند الشراء- وهل تحتفظ بها أو تبيعها.
كما أن كون "بتكوين" أصلاً هشاً ومتذبذباً يقلل من جاذبيتها كمخزن للقيمة
في التحوط من مخاطر التضخم وانخفاض القوة الشرائية للنقد. وستعمل البنوك المركزية والحكومات
في النهاية على ضمان استقرار العملة، مهما كانت حرية السوق، أما العملات المشفرة فهي
لا تخضع لأي قواعد أو ضمانات بحكم طبيعتها.
8- هل هي فقاعة؟
تختلف
الآراء حول "بتكوين" والعملات المشفرة ومستقبلها. فهناك من يرى أنها أصبحت
وسيلة مضاربة خطرة وسعرها يواصل الغليان مكوناً فقاعة يمكن أن تنهار في أي لحظة وتمحو
المليارات من ثروة المتعامين فيها. ويُستشهد بمرات سابقة في السنوات الأخيرة ارتفع
فيها سعر "بتكوين" لنحو عشرة آلاف دولار لينهار إلى نحو ثلاثة آلاف دولار،
أي هوت قيمتها سبعة أضعاف تقريباً.
وهناك
من يرى أن سقف محدودية عدد العملات يعني أن سعرها مستمر في الصعود رغم التذبذب. وطالما
ظل المستثمرون يقبلون عليها يمكن أن يرتفع سعرها إلى ثلاثمئة أو أربعمئة ألف دولار.
ولأنها
أصل رقمي غير منظم بقواعد وقوانين حتى الآن، يصعب الحسم بما إذا كانت فقاعة أم لا،
لأنه يصعب تطبيق أي نماذج معروفة للتحليل المالي التقليدي عليها. وباعتبارها في النهاية
أصلاً استثمارياً، مثلها مثل مشتقات استثمارية كسندات توريق الديون العقارية التي كانت
سبباً في الأزمة المالية العالمية في 2008، يرجح أن تكون فقاعة.
لكن
يعتمد مستقبلها أيضاً على مدى إقبال المؤسسات وصناديق الاستثمار التقليدية عليها في
الفترة المقبلة.
9- هل تخضع للضرائب؟
في
عام 2014، قررت مصلحة الضرائب في الولايات المتحدة أن العملات المشفرة ومنها
"بتكوين" تعامل كأنها "أصل رأسمالي" وليست كعملة. وبالتالي تخضع
الأرباح من ارتفاع سعرها للضريبة بنسبة الضريبة على الأرباح الرأسمالية. كمثال، إذا
اشتريت عملة "بتكوين" أو حصلت عليها كمقابل لسلعة أو غير ذلك وكان سعرها
ألف دولار ثم حين قررت بيع تلك العملة أو استخدامها للدفع مقابل سلعة وكان سعرها وصل
3 آلاف دولار فإنك تدفع ضرائب أرباح رأسمالية على 2000 دولار.
وعلى
الرغم من أن الأصل في عملة "بتكوين"، والعملات المشفرة، هو الخصوصية وأنها
عبارة عن "عنوان إلكتروني" على شبكة بلوكتشين فإن بورصات العملات المشفرة
على الإنترنت التي تتعامل في "بتكوين" وغيرها من العملات المشفرة تحتفظ بسجلات
للمتعاملين بها.
ومنذ
أكثر من ست سنوات طالبت السلطات الأميركية من مواقع التعامل في العملات المشفرة تلك
بالتسجيل القانوني بما يسمح لسلطات الضرائب وغيرها بمتابعة التداولات.
10- ما الفارق بينها وبين العملات الرقمية للدول؟
"بتكوين"
والعملات المشفرة ليست عملة بالمعنى التقليدي كما ذكرنا في السؤال الأول، أما العملات
الرقمية الوطنية فهي مضمونة ومنظمة من قبل البنك المركزي. وهي في الأغلب موازية للعملة
الوطنية النقدية. فالصين، التي تعمل على طرح اليوان الرقمي قريباً بدأت تجريب عملتها
الرقمية في الدفع من قبل ملايين المواطنين. وهي في النهاية مضمونة من الحكومة الصينية
وتساوي قيمتها العملة النقدية التي يصدرها بنك الشعب (المركزي) الصيني. كذلك بدأ الاتحاد
الأوروبي العمل على إصدار اليورو الرقمي، ويؤكد البنك المركزي الأوروبي أنه لن يكون
بديلاً لليورو النقدي العادي، وإنما يوفر وسيلة دفع وتعاملاً نقدياً رقمياً لمن يرغب
إلى جانب العملات الورقية العادية.
لتقريب
الأمر، هناك بعض الدول العربية تتيح للمتعاملين مع الجهات الحكومية بديلاً رقمياً للعملة
الوطنية، مثل "الدرهم الإلكتروني" في الإمارات. ومحفظة تلك العملة الرقمية
هي بطاقة بها شريحة إلكترونية تشحنها من حسابك في البنك أو تدفع قيمتها نقداً بالعملة
الوطنية، ثم تستخدم بطاقة العملة الرقمية لدفع رسوم الخدمة.
المصدر:
independentarabia