_بدء القول ...
إنه لما هان العلم
على أهله، وتهاون العلماء في حقهم، رخصت الدرجات ومسمياتها حتى غدت لا شيء في زمان
اللاشيء والسنوات الخداعة.
_أصبحت الألقاب
كالدكتوراه وأمثالها تشترى وتباع وتمنح للذات والغير، وغدت المؤسسات الفيسبوكية جامعات
مانحة ممهورة بأختام دول وجامعات وهيئات سامية، بل إن ثمة هيئات افتراضية ذات شعارات
دولية غدت تعلن عن نفسها على الملأ لمن يدفع في زمان اللاشيء والسنوات الخداعة.
_لم أعد أستغرب
منح الدكتوراه الفخرية لمثل #عبده_موته لجهده في إقرار السلام واستقرار العالم وإقرار
القيم في المجتمعات؛ كما لم أعد أستغرب منح درجة السفير الأممي لمن لم يدرس تاريخ العالم،
أو يكاد لا يقف على تاريخ بلاده منذ خمسين عاما؛ كذلك لم أعد في زمان اللاشيء مستمتعا
أو فخورا أن تعلمت وتتلمذت على أيدي الكبار من جهابذة العلم وشيوخ الآداب وأساطين اللغة
في دار العلوم والألسن والآداب والتربية وغيرهم من كبار المثقفين في ندوات الأدب والفكر؛
ذلك لأننا وما ورثناه من علم وأدب لا نفع به أو بنا في زمان التيك توك، والفيسبوك،
وهلم جرا من هاتيك السفاسف في زمان اللاشيء والسنوات الخداعة.
_حين يعاني العالم
وأهله وأسرته وذووه من تغييب دوره، والاستهزاء بمكانته في الإعلام والدراما على أيدي
من تصدروا المشهد، فلا مجال له إلا أن يستتر طالبا الستر من مولاه! وهنا لا يملك إلا
أن يعتذر من طول رحلته تلك بين أمات الكتب والمجلدات، معتذرا لأهله لأنه عانوا لأجله،
وحرموا لأجله، وما كان ينبغي أن يحرمهم في زمان اللاشيء والسنوات الخداعة.
_لم يكن إذن مستغربا
أن يهزأ المغني المدعو عمر كمال وأمثاله منذ أسابيع بفئات المهندسين والأطباء ومن شاكلهم
حين تفوه أن عليهم أن (يفتحوا مخهم)!
_ولم يكن مستغربا
أن يطلق العامة، وكلنا هؤلاء، ألقاب الوجاهة من مثل الباشمهندس والدكتور فلان والباشا
علان والبك وغيرها من ألقاب عالية الدلالة بحسب رؤية كل منا لغيره!
_وليس مستغربا
في زمان اللاشيء والسنوات الخداعة أن يكون ثمن انتقال لاعب كرة قدم في أندية الظل إلى
أحد أندية الدرجة الأولى في موسم كروي واحد عشرة أضعاف قدر ما يتحصل عليه أستاذ الجامعة
في سني عمره كلها..
_وليس مستغربا
إذن أن يكون ثمن تذكرة حضور حفل لعمرو دياب في الساحل ضعفي راتب معلم أول في وزارة
التربية والتعليم؛ وليس بمستغرب أن يكون معاش ساع في وزارة سيادية أضعاف ما يتحصل عليه
معاش مدير عام قضى أربعين عاما في وزارة خدمية...
ذلك ما كان ليحدث
لولا أننا في زمان اللاشيء والسنوات الخداعة.
_لم أزل أذكر مقولة
الشاعر المصري الكبير علي الجندي فيما روي عنه حين اختير عضوا عاملا بمجمع اللغة العربية،
مجمع الخالدين، في الكرسي الذي خلا بوفاة الأستاذ علي عبد الرازق باشا عام 1969، قال
فيما روي عنه: لقد رخص الكرسي حتى إن مثلي يجلس على الكرسي الذي جلس عليه علي عبد الرازق
وطه حسين ولطفي السيد.
_وفي الأخير
...
لا نملك إلا أن
نردد لا حول ولا قوة إلا بالله.