عندما تعاني من مشكلة في الصغر تدفعك للشعور بانك أدنى من أقرانك, لإغنك أمام خيارات, إما ان تستسلم لهذا الشعور وتتركه يدمرك نفسياً, وإما ان يدفعك الشعور إلى تحدى المشكلة في نفسك, أو تدفعك لخطوة أكثر إيجابية بان تواجه هذه المشكلة على المستوى المجتمعي.
وتقدم قصة الشابة الأمريكية الصغيرة كارجان أوليس caragam olles نموذجاً في اختيار هذا المستوى الأعلى من الاستجابة.
كاراجان التي تعيش في مدينة دي بيريه بولاية ويسكونسن الأمريكية, وتدرس في أكاديمية نوتردام, وتبلغ 17 عاماً, بدأت مشكلتها منذ بداية تعليمها حيث إنها واجهت صعوبة في التعلم (وهي عسر القراءة أو الديسليكسيا dyslexia) من الدرجة الثالثة, الأمر الذي أدى إلى تنمر زملائها, وتهكم مدرسيها الذين لم يكن لديهم معرفة بالمشكلة, ومن ثم واجهت أوقاتاً صعبة وذرفت الكثير من الدموع لظنها ربما أقل ذكاء من زملائها.
وعندما تم تشخيصها أخيراً بانها مصابة بعسر القراءة في الصف الثالث, صُدمت هي وعائلتها من نقص المعلومات حول الاضطراب, ومدى جهل معلميها. ولكن لحسن الحظ, تمكنت كاراجان من تلقى دروس خاصة لحالتها على مدى عدة سنوات مكنتها من النجاح في المدرسة. لكن القلق أصابها بشان الأطفال الذين ربما لا تستطيع أسرهم تحمل نفقات الدروس الخاصة لعدة سنوات.
لذا بدأت كاراجان وشقيقها الأكبر كارتر مبادرة لمصابي عسر القراءة المتألقين الصغار "Dyslexics Young Bright عندما كانت في سن العاشرة, وتهدف المباردة لمساعدة الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة في الحصول على المساعدة التى يحتاجون إليها.
اليوم, تعتبر المبادرة هي المنظمة الوحيدة التى تقدم تمويلا للدروس الخصوصية والتكنولوجيا المساعدة للطلاب الذين يعانون من عسر القراءة في الولاية بغض النظر عن العرق أو الدين أو المواقع أو الموارد المالية للطالب, وهو ما يساعد الكثير من هؤلاء الطلاب على مواصلة تقدمهم الدراسي. كما تقدم المبادرة تثقيفاً وتدريباً للمعلمين على كيفية تحديد الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة, وما هي السبل المثلى لاستيعاب هؤلاء الطلاب في الفصول.
كما تقدم المبادرة للتلاميذ عموماً محاكاة لصعوبة عسر القراءة بما ينمى فهمهم ووعيهم بمعاناة زملائهم وحسن التعامل معها. فضلاً في المدارس والمناطق التعليمية, كما أنها تساعد من خلال مبادرتها على توفير مصادر للقراءة في المكتبات حول المشكلة.
كل ذلك أهل كاراجان لعدة جوائز منها جائزة وورلد أوف تشيلدرن لعام 2018, وجائزة الروح الرعائية للمجتمع على المستوى الوطني لعام 2020.
لا شك أن المناخ الذي تتوافر فيه هذه الجوائز المتنوعة التى تمنح للأطفال والشباب الصغير من أصحاب المبادرات والإسهامات المجتمعية يشجع العديد من الصغار على ارتياد غمار المبادرة والفعل, وهذا من شانه ان يضخ الحيوية بشكل دائم في شرايين المجتمع.
د. مجدي سعيد
مصدر المعلومات: