شهدت السنوات الأخيرة ثورة غير مسبوقة في علاج السمنة مع ظهور فئة جديدة من الأدوية تُعرف باسم GLP-1، والتي غيّرت بشكل كبير نظرة الأطباء والباحثين لمشكلة الوزن الزائد.
هذه الأدوية لم تعد مجرد مساعد بسيط، بل أصبحت طفرة طبية قادرة على تقليل الوزن بنسبة تفوق أي علاج دوائي سابق، حتى أن البعض يصفها بأنها بداية نهاية “عصر السمنة”.
ما هي أدوية GLP-1؟
أدوية GLP-1 هي فئة من العقاقير الطبية تحاكي عمل هرمون طبيعي في الجسم يسمى GLP-1 (Glucagon-Like Peptide-1)، وهو هرمون مسؤول عن:
-
تنظيم الشهية
-
التحكم في مستوى السكر في الدم
-
إبطاء إفراغ المعدة
-
تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول
بدأت هذه الأدوية أصلاً كعلاج لمرض السكري من النوع الثاني، لكن العلماء لاحظوا أنها تساعد المرضى على فقدان الوزن بشكل كبير، مما أدى إلى اعتمادها كعلاج فعّال للسمنة.
أبرز أدوية GLP-1 المستخدمة في علاج السمنة
هذه بعض أشهر الأدوية المتوفرة حاليًا:
1. ويغوفي (Wegovy)
الأكثر شهرة عالميًا، يستخدم بجرعات أعلى من “أوزيمبيك” ومخصّص لعلاج السمنة.
2. أوزيمبيك (Ozempic)
دواء شائع لمرض السكري، لكنه يساهم في فقدان الوزن، وأصبح من أكثر العقاقير مبيعًا في العالم.
3. ساكسندا (Saxenda)
من أوائل الأدوية المعتمدة، ويُعطى يوميًا عبر حقنة تحت الجلد.
4. مونجارو (Mounjaro)
دواء جديد يعتبر الأقوى حتى الآن من حيث فقدان الوزن، ويمزج بين تأثير GLP-1 وهرمون آخر يسمى GIP.
كيف تعمل أدوية GLP-1 على إنقاص الوزن؟
تعمل هذه الأدوية عبر ثلاث آليات رئيسية:
1. كبح الشهية
تؤثر مباشرة على مراكز الجوع في الدماغ، ما يقلل من الرغبة في تناول الطعام.
2. إبطاء حركة المعدة
يجعل الطعام يبقى داخل المعدة لفترة أطول، مما يمنح الإحساس بالشبع.
3. تنظيم مستويات السكر والأنسولين
يساعد الجسم على استخدام الطاقة بشكل أفضل ومنع تخزين الدهون الزائدة.
نتائج مذهلة: كم الوزن الذي يمكن خسارته؟
أظهرت الدراسات أن المرضى الذين استخدموا أدوية GLP-1 فقدوا ما بين:
-
10% إلى 20% من وزنهم خلال عام واحد
-
تصل النسبة إلى 25% مع الأدوية الحديثة مثل مونجارو
وهي نتائج قريبة جدًا من جراحات السمنة، ولكن بدون عمليات أو تدخل جراحي.
فوائد استخدام أدوية GLP-1
-
فقدان وزن كبير بطريقة آمنة
-
تقليل مخاطر أمراض القلب والشرايين
-
تحسين مستويات السكر والكوليسترول
-
تقليل دهون الكبد
-
تحسين جودة النوم وتقليل الشخير
-
زيادة الطاقة والنشاط
-
نتائج ثابتة طالما يتم الاستمرار على العلاج بنمط حياة صحي
الآثار الجانبية المحتملة
مثل أي علاج، قد تظهر بعض الأعراض الجانبية، أهمها:
-
الغثيان
-
التقيؤ
-
فقدان الشهية
-
إمساك أو إسهال
-
ألم في البطن
وغالبًا ما تختفي بعد أسابيع من بدء العلاج.
هل أدوية GLP-1 مناسبة للجميع؟
يتم وصف هذه الأدوية للأشخاص الذين:
-
مؤشر كتلة الجسم لديهم ≥ 30
-
أو ≥ 27 مع وجود مرض مرتبط بالسمنة (مثل السكري أو ضغط الدم)
ولا تناسب:
-
النساء الحوامل
-
المرضى الذين لديهم تاريخ أورام الغدة الدرقية
-
من لديهم حساسية شديدة من مكونات الدواء
هل يمكن استعادة الوزن بعد التوقف عن العلاج؟
نعم، تشير الدراسات إلى أن جزءًا من الوزن قد يعود بعد التوقف، لذلك ينصح الأطباء بـ:
-
اتباع نظام غذائي متوازن
-
ممارسة الرياضة
-
الاستمرار على جرعات منخفضة في بعض الحالات
-
دمج العلاج مع تغييرات نمط الحياة
لماذا تُعد أدوية GLP-1 ثورة طبية؟
لأنها ببساطة:
-
أول علاج دوائي يعطي نتائج قريبة من الجراحة بدون مخاطر العمليات
-
تساعد في السيطرة على وباء السمنة عالميًا
-
تقلل مخاطر الأمراض المزمنة
-
تحسّن نوعية الحياة بشكل شامل
ولهذا تتوقع الأبحاث أن يكون لها تأثير اقتصادي وصحي ضخم خلال السنوات القادمة.
خاتمة
إن أدوية GLP-1 ليست مجرد خطوة علاجية جديدة، بل ثورة طبية ستغير مستقبل علاج السمنة حول العالم. وإذا تم دمجها مع نمط حياة صحي، يمكن أن تمنح نتائج مذهلة تُعيد للمرضى ثقتهم بأنفسهم وتساعدهم على عيش حياة صحية ومتوازنة.

