يُعد الدكتور زغلول النجار واحدًا من أبرز العلماء المصريين في مجال الجيولوجيا، ومن أكثر المفكرين العرب تأثيرًا في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
جمع بين العقلية العلمية الدقيقة والروح الإيمانية المتجذرة، فاستطاع أن يقدم نموذجًا فريدًا يجمع بين العلم والدعوة، وبين البحث الأكاديمي والوعي القرآني، ليصبح صوته من أكثر الأصوات احترامًا وتأثيرًا في العالمين العربي والإسلامي.
من هو الدكتور زغلول النجار؟
وُلد الدكتور زغلول النجار في محافظة الغربية بمصر عام 1933، ونشأ في بيئة تهتم بالعلم والدين في آن واحد. منذ صغره أظهر نبوغًا في دراسة العلوم الطبيعية، وتفوق في دراسته حتى التحق بكلية العلوم في جامعة القاهرة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا بمرتبة الشرف عام 1955. ثم أكمل دراساته العليا في الخارج، فحصل على الدكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز البريطانية، ليصبح أحد أبرز المتخصصين في الجيولوجيا على مستوى العالم العربي.
زغلول النجار | المسيرة العلمية
بدأ النجار مسيرته الأكاديمية بالتدريس في جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى عدد من الجامعات الدولية، منها جامعة كارديف في بريطانيا، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في السعودية، وجامعة قطر، والجامعة الأمريكية في بيروت، كما تولى مناصب علمية مهمة مثل رئاسة قسم الجيولوجيا في جامعة الكويت، وعضوية عدد من الجمعيات الجيولوجية العالمية.
قدّم الدكتور زغلول النجار أكثر من 150 بحثًا علميًا منشورًا في مجلات محكمة، وشارك في مؤتمرات دولية كبرى تناولت علوم الأرض وتطبيقاتها. وقد ركّزت أبحاثه على جيولوجيا البحار، والصفائح التكتونية، ومصادر البترول، وتاريخ تكوين القشرة الأرضية.
من العلم إلى الدعوة
على الرغم من انشغاله العلمي، إلا أن الدكتور زغلول النجار كان يؤمن بأن العلم يجب أن يقود الإنسان إلى الإيمان، وأن آيات الكون هي دلائل على عظمة الخالق. ومن هذا المنطلق، بدأ في الربط بين الحقائق العلمية الحديثة والآيات القرآنية التي تشير إلى الظواهر الكونية، ليؤسس مدرسة فكرية تُعرف باسم الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وقد عُرف ببرامجه التلفزيونية والمحاضرات التي تجاوزت حدود الوطن العربي، مثل سلسلة "آيات الله في الآفاق"، و"العلم والإيمان"، و"القرآن والعلم الحديث"، حيث عرض بأسلوب مبسط ودقيق كيف تتوافق الاكتشافات الجيولوجية والفلكية والطبية مع النصوص القرآنية.
مؤلفاته وإسهاماته الفكرية
ألف الدكتور زغلول النجار عشرات الكتب التي تُعد من المراجع الأساسية في مجال الإعجاز العلمي، من أبرزها:
-
الإعجاز العلمي في السنة النبوية
-
من آيات الإعجاز في القرآن الكريم
-
قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم بين المؤيدين والمعارضين
-
الظواهر الجيولوجية في ضوء القرآن الكريم
كما كتب مقالات علمية ودعوية في صحف عربية ودولية، وساهم في تأسيس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، التي تتخذ من مكة المكرمة مقرًا لها، وشغل فيها عضوية اللجنة العلمية والاستشارية.
تأثيره في الأوساط العلمية والدعوية
نال الدكتور زغلول النجار تقديرًا عالميًا لمزجه المبدع بين منهج البحث العلمي وروح الإيمان، واعتُبر من أوائل من دعا إلى تأصيل العلوم في ضوء القرآن.
وقد كرّمته جهات أكاديمية في مصر والسعودية وماليزيا وبريطانيا تقديرًا لعطائه العلمي والدعوي.
وفي خطابه الدعوي، ركّز النجار على أن العلم لا يتعارض مع الدين، بل إن الدين يحث على البحث والمعرفة، وأن المسلم الحقيقي يجب أن يكون صاحب فكر وعلم وإبداع.
زغلول النجار | الإرث العلمي والدعوي
حتى اليوم، يواصل الدكتور زغلول النجار نشاطه في المحاضرات والمؤتمرات العلمية والفكرية، داعيًا إلى إعادة قراءة النصوص القرآنية في ضوء معطيات العلم الحديث، دون تجاوز المنهج الشرعي أو التفسير المأثور.
يمثل إرثه جسرًا بين العلوم الحديثة والقرآن الكريم، وبين العقل والروح، مما جعله من أبرز الوجوه التي ساهمت في بناء الوعي العلمي الإسلامي في العصر الحديث.
خاتمة
إن مسيرة زغلول النجار ليست مجرد قصة نجاح لعالم مصري لامع، بل هي شهادة على قدرة الفكر الإسلامي على استيعاب العلوم الحديثة وتوظيفها في خدمة الإيمان والإنسان. فقد استطاع أن يربط الأرض بالسماء، والعلم بالعقيدة، ليترك للأجيال القادمة نموذجًا يُحتذى به في الجمع بين العقلانية والإيمان.


