وصف المدون

مجتمع بوست مدونة اجتماعيه توعوية إخبارية تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها شتى الموضوعات التى تهم الأسرة والمجتمع العربي, أخبار, ثقافة, اتيكيت, كتب, علوم وتكنولوجيا, مال وأعمال, طب, بيئة

إعلان الرئيسية

 

المتحف المصري الكبير.. أعجوبة مصر الحديثة وهدية العالم من ضفاف الجيزة

بين الأهرامات يولد صرح جديد للتاريخ

من قلب الجيزة، وعلى بُعد أميال قليلة من الأهرامات الثلاثة، يقف المتحف المصري الكبير شامخًا كأحد أعظم المشروعات الثقافية في القرن الحادي والعشرين. ليس مجرد مبنى ضخم يضم آثارًا فرعونية، بل رمز لإحياء الذاكرة الحضارية المصرية في ثوبٍ حديث يجمع بين عبق التاريخ وروح المعاصرة.


يمتد المتحف المصري الكبير على مساحة نحو نصف مليون متر مربع، ليصبح أكبر متحف آثار في العالم مخصص لحضارة واحدة، هي الحضارة المصرية القديمة، التي ما زالت تبهر الإنسانية منذ أكثر من سبعة آلاف عام.


رؤية المشروع وأهدافه: الحفاظ على التراث وتقديمه بروح المستقبل

إن إنشاء المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد مشروع هندسي أو سياحي، بل رؤية وطنية وثقافية تهدف إلى:

  • حفظ وعرض كنوز مصر الأثرية بطريقة علمية حديثة.

  • تقديم تجربة تعليمية وسياحية متكاملة للزوار.

  • دعم الاقتصاد الوطني من خلال السياحة الثقافية.

  • بناء مركز عالمي للأبحاث والترميم.

ومنذ أن بدأت فكرة المشروع في أوائل القرن الحادي والعشرين، تم التعامل معه باعتباره أكبر استثمار ثقافي في تاريخ مصر الحديث، يليق بمكانتها كحاضنة أولى لحضارة الإنسان.


الموقع الاستراتيجي: جغرافيا تتكلم تاريخًا

يُعد اختيار موقع المتحف المصري الكبير من أهم عوامل تميّزه، فهو يقع على طريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي، على مقربة من أهرامات الجيزة، مما يمنحه خلفية بصرية ساحرة تربط الماضي بالحاضر.


وقد صُممت الواجهة الزجاجية العملاقة للمتحف بحيث تطل مباشرة على الأهرامات، لتصبح الصورة البصرية للمكان حوارًا صامتًا بين أقدم عجائب الدنيا وأحدث إنجازات العمارة الثقافية المعاصرة.


الموقع أيضًا يتيح سهولة الوصول إليه من مطار القاهرة الدولي والمناطق السياحية الكبرى، مما يجعله نقطة جذب سياحي عالمية متكاملة.


التصميم المعماري: بين الإبهار الهندسي وروح الحضارة

الفكرة المعمارية

جاء تصميم المتحف المصري الكبير بعد مسابقة معمارية عالمية شارك فيها أكثر من 1500 مصمم من 80 دولة، وفاز بها المكتب الإيرلندي Heneghan Peng Architects عام 2003.


اعتمد التصميم على دمج الطابع المصري القديم مع التكنولوجيا المعمارية الحديثة، فواجهته المثلثة الشكل تُمثل انعكاسًا هندسيًا للأهرامات المجاورة، بينما تشكل الزوايا الحادة والممرات الواسعة إحساسًا بالعظمة والرهبة التي كانت ترافق الزائر إلى المعابد القديمة.


المواد والتقنيات المستخدمة

تم استخدام الحجر الجيري المصري في الواجهة الأمامية للمتحف، ليحافظ على الطابع المحلي، بينما استخدمت الزجاجات الذكية وأنظمة الإضاءة الطبيعية لتقليل استهلاك الطاقة.
كما جُهّز المتحف بنظام بيئي متطور للتحكم في درجة الحرارة والرطوبة، ما يضمن حماية الآثار من التغيرات المناخية على مدار العام.


قاعات العرض والكنوز المعروضة

تمثال رمسيس الثاني.. الحارس الأول للزائرين

من اللحظة الأولى لدخول المتحف، يُقابل الزائر تمثال الملك رمسيس الثاني بارتفاع 11 مترًا ووزن أكثر من 80 طنًا، وهو التمثال الذي تم نقله من ميدان رمسيس إلى بهو المتحف عام 2006 في عملية دقيقة تابعها العالم بأسره.
يقف رمسيس الآن رمزًا للحضارة المصرية القديمة وواجهة المتحف الكبرى، وكأنه يرحب بالزائرين من كل أصقاع الأرض.


كنوز توت عنخ آمون

من أبرز ما يميز المتحف المصري الكبير أنه سيضم المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922 على يد العالم هوارد كارتر.
تشمل المجموعة أكثر من 5000 قطعة أثرية، من بينها القناع الذهبي الشهير، والعربة الحربية، والملابس الملكية، وأدوات الحياة اليومية للملك الطفل.
ولم تُعرض هذه المقتنيات من قبل في مكان واحد بهذا الشكل المنسق، ما يجعل زيارة المتحف تجربة لا تتكرر في أي متحف آخر في العالم.



قاعات الحضارة والديانات والفنون

تضم قاعات العرض الدائمة أكثر من 100 ألف قطعة أثرية مرتبة زمنيًا، لتروي قصة تطور الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصرين اليوناني والروماني.
ويحتوي المتحف على أقسام مخصصة للفنون، والديانات، والحياة اليومية، والمعتقدات الجنائزية، مما يمنح الزائر رحلة معرفية متكاملة عبر آلاف السنين.


التكنولوجيا في خدمة التاريخ

لم يقتصر المتحف المصري الكبير على عرض القطع الأثرية فحسب، بل وظّف أحدث التقنيات الرقمية والتفاعلية لتقديم تجربة مدهشة للزائر:

  • شاشات عرض ثلاثية الأبعاد تحكي قصص الملوك والمعارك.

  • تطبيقات هواتف ذكية بتقنية الواقع المعزز (AR) لتفسير النقوش والرموز.

  • أنظمة صوتية متطورة تتيح سماع اللغة المصرية القديمة في قاعات معينة.

  • مركز ترميم حديث يُعد الأكبر في الشرق الأوسط، يستخدم تقنيات النانو في معالجة القطع الأثرية.

بهذا الدمج بين العلم والتاريخ، يقدم المتحف المصري الكبير نموذجًا لما يجب أن تكون عليه المتاحف في القرن الجديد.


مركز الترميم العالمي: قلب نابض للحفاظ على التراث

يضم المتحف أكبر مركز ترميم للآثار في العالم، مقسمًا إلى معامل متخصصة في حفظ الأخشاب، والمعادن، والبردي، والمنسوجات، والعظام، والمومياوات.


وقد تمكن المركز من ترميم آلاف القطع التي كانت مخزنة لعقود في المتحف المصري بالتحرير، وأعاد إليها بريقها الأصلي.


ويُستخدم المركز أيضًا في تدريب خبراء مصريين وأجانب، مما جعله محورًا للبحث العلمي والتبادل المعرفي في مجال صيانة التراث.


دور المتحف في دعم السياحة والاقتصاد المصري

من المتوقع أن يستقبل المتحف المصري الكبير أكثر من 5 ملايين زائر سنويًا، ما يجعله أحد أهم مصادر الدخل السياحي في مصر.
كما سيُسهم في تنشيط المناطق المحيطة، من فنادق ومطاعم ومراكز تسوق، فضلًا عن تشجيع الاستثمارات في قطاع السياحة الثقافية.
ولذلك، يُعتبر المتحف المصري الكبير ركيزة أساسية في استراتيجية مصر 2030 التي تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية للثقافة والتراث.


المتحف المصري الكبير ومكانته العالمية

منذ الإعلان عن قرب افتتاحه، تصدر المتحف المصري الكبير عناوين الصحف العالمية مثل The Guardian وNational Geographic وLe Monde، التي وصفته بأنه "أكبر مشروع ثقافي على وجه الأرض".
كما شاركت منظمات دولية مثل اليونسكو والاتحاد الأوروبي في تقديم الدعم الفني والاستشاري له، تقديرًا لقيمته العالمية في الحفاظ على التراث الإنساني.


المتحف في عيون المصريين

يُنظر إلى المتحف المصري الكبير باعتباره فخرًا قوميًا ومشروعًا يعكس قدرة المصريين على الجمع بين الأصالة والحداثة.
فهو ليس مجرد مبنى للعرض، بل رسالة إلى العالم بأن مصر لا تزال حاضنة للمعرفة والحضارة والجمال.
ويأمل المصريون أن يكون افتتاح المتحف بمثابة انطلاقة جديدة لعصر ثقافي وسياحي مزدهر يليق بتاريخهم العريق.


الفعاليات والأنشطة المستقبلية

من المقرر أن يستضيف المتحف بعد افتتاحه:

  • معارض مؤقتة من متاحف عالمية.

  • مؤتمرات دولية عن علم المصريات والترميم.

  • برامج تعليمية للأطفال وورش فنية.

  • حفلات موسيقية ومهرجانات ثقافية في الساحة الخارجية المطلة على الأهرامات.

بهذا الشكل، سيتحول المتحف إلى مدينة ثقافية متكاملة لا تنام، تمتزج فيها الفنون بالعلم والتاريخ.


ختامًا: المتحف المصري الكبير.. نافذة جديدة على حضارة خالدة

مع اقتراب افتتاحه الرسمي، يُنتظر أن يصبح المتحف المصري الكبير الوجهة الأولى لعشاق التاريخ حول العالم.
فهو ليس مجرد مبنى للآثار، بل رحلة عبر الزمن تختصر آلاف السنين من الإبداع الإنساني المصري.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

Back to top button