د.
عبد الله بنصر العلوي
الرئيس
المؤسس للمركز الأكاديمي للثقافة و الدراسات
المغاربية
والشرق أوسطية والخليجية - فاس
تربطني
بمعالي الأستاذ الدكتور المؤرخ الشاعر عبد الولي الشميري علاقة مودة في الزمن الجميل منذ عقدين.. ويتجدد هذا اللقاء اليوم
بما يحمله من الحب والوفاء لنراهن على المستقبل الواعد بالأمل والحرية، سعيا إلى كرامة الإنسان العربي وأمنه، وإقرارا بفروسية شاعرية
تحمل نور الكلمة وحب الوطن وعشق الحبيب.
في
هذه المناسبة الغالية اليوم العالمي للشعر.. يحلو لي أن أقول مع الشاعر عبد القادر
ابن خضراء السلاوي المتوفى 1987م، هذه الأبيات، وكأنه يحتفل بهذا اليوم:
قم
صديقي ومَجِّد الأمجادا
قم
وقدّم قصيدة تتهادى
قم
وردد على المسامع لحنا
يُطرب
الروح والحشا والفؤادا
اسكب
العطر من خيالك دوما
كن
مجيدا ومنصفا وجوادا
قم
صديقي وشنف السمع جهرا
نحن
نهوى القريض والإنشادا
أيها
الشاعر البليغ أقدم
لا
تبالي فأنتَ تَدْري المُرادا
نحن
نُصْغي إليك هيا صديقي
هذا
عيدٌ نَعُدُّه أعيادا
كن بليغا وكن صريحا جوادا
صف
لنا حسنه وعيدنا هذا
قد
عهدناك شاعرا وأديبا
كم
تُذيبُ الأرواح والأجسادا
يا
رفيق الحياة جد لي بسحر
جد
بوصف يزيدنا إسعادا
كما
يحق لي أن أشير إلى قصيدة" ميثاق الكتاب" للفيلسوف المغربي الشاعر محمد عزيز الحبابي كتبها
بالفرنسية وترجمها أستاذنا محمد السرغيني (نظر الله
إلى حاله بعين الرفق) على وزن البسيط
وقوافيها متنوعة ، وتتكون من 85 بيتا وتمت كتابتها
بالذهب على ورق البردي بالقاهرة، وقد مدتني بها أرملته الدكتورة فاطمة الجامعي
الحبابي، ونستشهد ببعض أبياتها لما تعبر عنه
من قيم إنسانية يحرص كل الكتاب والشعراء على تمثلها .
وجامعة
سيدي محمد بن عبد الله إذ تحتفي بتكريم الشعراء في هذا اليوم المجيد، فهي تروم إلى حضور الشعر ضمن الفضاءات الإبداعية
والأكاديمية، باعتبار أن فعل تكريم الشخصيات الفاعلة في الثقافة المغربية والعربية
يعتبر من أسمى مظاهر الوفاء والاعتراف بمنجزاتها.
وقد
دأب المركز الأكاديمي على فعل التكريم من خلال ما أنجزه من كتب فردية وجماعية. ونستحضر
من المكرمين سلطان العويس وعباس الجراري وخالد
الفيصل ومحمد الدناي ومانع سعيد العتيبة وعبد الله بنصر العلوي وعبد الله باشراحيل وأحمد العراقي ومحمد العلمي وسميرة فرجي ( بالاشتراك مع النادي الجراري بالرباط) وعبد
المالك الشامي وسعيدة العلمي .. وحضر الشعر
فيها إبداعا و تحقيقا ونقدا، فيها القصيد بمختلف أجناسه: الفصيح والشعبي، ومنه الملحون
والحساني والنبطي والحُمَيني .
وإذا
كنا لا نود في كلمتنا هذه أن نؤرخ لمنجز المركز في الدراسات الشعرية فحسبنا أن نشير
إلى أن المركز أصدر عددا من الدراسات الشعرية العربية ، الخليجية منها والمغربية..
وهو الآن بصدد إصدار ثمانية أسفار من مجموع سير بعض شعراء أغلب الحواضر المغربية ومختارات من أشعارهم باسم المنتقى المعين من شعراء
المغرب في القرنين التاسع عشر العشرين أعدها الدكتور عبد الله بنصر العلوي.
ويتوج
المركز الأكاديمي هذه اللقاءات بهذا التكريم الرابع عشر لأحد أعلام الشعر العربي المعاصر
وهو الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري من جمهورية اليمن السعيد.
لقد
حظيت هذه الشخصية باهتمام كثير من الباحثين والعلماء والمفكرين والشعراء، داخل الوطن
العربي وخارجه، فقد شكّلت أعماله العلمية والإبداعية ومواقفه الإنسانية، موضوع العديد
من الندوات العلمية والمؤتمرات والأيام الدراسية والملتقيات الشعرية، وكذا موضوعاً
لعدد من الرسائل الجامعية، والكتب النقدية الفردية والجماعية، ولشاعرنا تأثير واضح
في كثير من مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في اليمن وفي محيطه العربي
والإسلامي والدولي، فقد كَتَبَ في التاريخ والشعر والثقافة والتراجم والسير، ومن مؤلفاته
موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه وقد صدرت في عشرين مجلدا، وطبقت شهرتها الآفاق، وغيرها
من التآليف الغزيرة، والإسهامات العلمية والأدبية العديدة ، مما طبع شخصيته بموسوعية
اتسمت بروح العمل الجاد والمتواصل مع التحلي بقيم أخلاقية فاضلة ومُثلٍ عُليا أهّلته
للتأثير في القلوب والعقول ، نظرا لامتلاكه رصيدا وافرا من الاحترام والتقدير، فضلا
عن غنى ما خلّفه من أدب وعلم، ينطق بحكمة أهل اليمن السعيد.
لقد
استطاع الشاعر عبد الولي الشميري في قصائده الشعرية البديعة رصد عالم يحفل بالتناقضات
والرؤى المزيفة التي تنزع عن الإنسان بعده القيمي والروحي، محاولاً هذا الشاعر بكل
ما أوتي من بلاغة الإمتاع وامتلاك ناصية الشعر والإبداع، أن يفتح نوافذ جديدة يطل منها
على ما هو أسمى في الإنسان، أي بعده الأصيل في صفاء الفطرة التي تميل إلى المحبة والإخاء
والنبل والكرم والعطاء، فكانت قصائده الشعرية ملتقى الجمال والجلال، ومنبع الخير للإنسانية،
ولا شك أنّ هذه المعاني السامية، لم تكن غريبة على شاعرٍ من اليمن الحكيم، ومن أرض
الشعر والشعراء والأمثال والقصص الخالدة والشهامة العربية، ولذلك فاضت قصائد عبد الولي
الشميري بمعاني المحبة الإنسانية، والعواطف الجياشة والصادقة، فقد نطق بالحكمة قبل
الشعر، وبالمعنى في ثنايا المبنى، وبمعنى المعنى في سياق السَّفر الشعري، والرّجل قبل
ذلك وبعده، رحّالة وسفير، يعرف خبايا الجغرافيا وطبائع البلدان والشعوب، وجمع في نصوصه
الشعرية بين قوة اللفظ وأصالة المعنى.
نجد
في هذا الكتاب التكريمي عدداً من المقالات والشهادات التي تتبعت تجربة الشاعر عبد الولي
الشميري، ووقفت على خصائصها الفنية وأبعادها الجمالية وتواصلاتها الحضارية، انطلاقاً
من زوايا مختلفة، ومن رؤى متعددة، تبعاً لاختلاف تخصصات الباحثين المشاركين في الكتاب، وهم كُتّاب خبروا عن قربٍ القيمة الفنية في الإبداع
الشعري عند عبد الولي الشميري، وعملوا على استلهام الروح الشعرية وتقديمها للقارئ في
قالب نقدي واحتفائي يليق بشاعر عربي كبير، كما يُسهم في تلاقح التجارب الشعرية والنقدية،
في اتجاه تعميق الدرس النقدي الجامعي الأكاديمي، وإغنائه عبر الإحاطة بالخصائص العامة
التي تطبع التجارب الشعرية العربية المعاصرة، وخاصة عند بعض الرواد الذين كانت لديهم
إسهامات متعددة الجوانب؛ سواء الإبداعية أو العلمية أو الاجتماعية أو الدبلوماسية..
وتميّزت نصوصهم بالتكثيف والتركيز المفضي إلى موسوعية الدلالة وعالمية الرسالة.
يأمل
المركز الأكاديمي للثقافة والدراسات المغاربية والشرق أوسطية والخليجية أن يكون تكريم
الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري في مستوى تطلعات التواصل الشعري والثقافي بين المملكة
المغربية وجمهورية اليمن، ومستجيباً لانتظارات الفاعلين في الثقافة بكل تجلياتها وأشكالها،
وأن يكون هذا الكتاب التكريمي مفيدا للقارئ العربي، كما نأمل مستقبلاً أن نخصّ المحتفى
به الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري بندوات أكاديمية تسلط الضوء على جوانب من مسيرته
العلمية والأدبية، وخاصة أعماله التي تحمل بُعداً وطنياً وعروبياً وإنسانياً ، مما
سيرعاه كرسي الأستاذ الدكتور عبد الولي الشميري للدراسات الأدبية المغربية - للثقافة
والآداب والفنون بصنعاء المزمع توقيعها غدا بإشراف عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية
ظهر المهراز.
وجدير
بالذكر تقديم الشكر والامتنان لكل المتعاونين الذين أسهموا في الاحتفاء بالشاعر وبالكتاب
التكريمي ، وأخص بالذكر رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله التي تتألق دوما بصدرتها
لمسيرة البحث العلمي بالمغرب، وكذا لعمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز
التي تحرص على تشجيع كل حدث ثقافي وتكريمي. وإلى رئيسة منتدى الجامعة الدبلوماسي التي
تفعّل العلاقات الثقافية المغربية والعربية والدولية.
والشكر
موصول لكل الأساتذة الباحثين الذين أبدوا بأريحية كبيرة في التواصل مع حدث التكريم
بإسهامهم بدراسات أكاديمية حول شعر المكرم الدكتور عبد الولي الشميري.
أما
الوفد اليمني الشقيق والضيوف الكرام فقد شرفوا هذا التكريم بحضورهم المتميز وبشهاداتهم اللائقة، فلهم كامل التقدير.
أملنا
أن نستمر في إغناء حدث التكريم احتفاء بالشخصيات الأدبية المغربية والعربية.
أيها
الحضور الكريم
إننا
سعداء بهذا التكريم .. سعداء بتقديم هذا الكتاب
التكريمي للمحتفى به.. سعداء بحضوركم.
إننا
نحيي الشاعر العربي الكبير صاحب المعالي الشاعر والمؤرخ الأستاذ الدكتور عبد الولي الشميري، آملين له موفور
الصحة وما تغمرها من السعادة والإبداع والتأليف ..
يحفظك
الله شاعرا متألقا وعلما شامخا.
--------
القيت
هذه الكلمة على هامش احتفال جامعه سيدي محمد بن عبد الله بفاس بالشاعر الدكتور عبد
الولي الشميري