أشرف بالمشاركة في هذا
الحفل التكريمي الخاص بقامة فكرية شامخة؛ شاعر وأديب ومفكر، متعدد المواهب، وفوق
ذلك دبلوماسي خبير بالثقافات وطبائع الشعوب والمجتمعات، سفرُ المحبة شعارُه في
مختلف تنقلاته المتعددة عبر العالَم، إنه معالي الدكتور عبد الولي الشميري، صديق
المملكة المغربية، بل صديق الإنسانية جمعاء، وأحد المسهمين بفعالية في صنع السلام؛
شخصه تجسيد عملي للأخوة العربية، في التقريب بين الثقافات والحضارات، بحثاً عن المشترك
والمؤتلف.
هناك أكثر من سبب يدعو
لتكريم هذه القامة الفكرية، أولها تثمين جهوده الواسعة المبذولة في مختلف
المجالات، ومنها في سياقنا هذا إسهامه الوضاح في خدمة العلاقات الثقافية بين بلدنا
المغرب واليمن السعيد، واستمرارها، وقد كانت العلاقات بين البلدين وطيدة منذ فجر
التاريخ، وإلى اليوم، بدليل أعداد الطلاب اليمنيين الذين يتابعون دراساتهم العليا
في الجامعات المغربية، وبدليل التقدير الذي يكنّه المغاربة لليمن وثقافته الأصيلة
وتقاليده العريقة.
إنّ نبوغ الدكتور عبد
الولي الشميري واضح في أكثر من مجال؛ فقد أبدع في كتابة التاريخ وفي توثيق الأعلام
وحفظ تراث الأمة الزاخر، ووصف ذلك في شعره أيضاً، هذا الشعر الذي تنوعت أغراضه،
بين مناجاة الخالق والتطلّع إلى الفناء في المحبة الإلهية، وبين الإبداع في الشعر
الوطني، كما كان فارساً لا يشق له غبار في شعر الوجدانيات مثل شعر الغزل العفيف،
والرثاء، وغير ذلك من أغراض الشعر وضروب الإبداع.
إنَّ عطاء الدكتور عبد
الولي الشميري أوسعُ من أن يُحاطَ به في كلمات قلائل ضمن ندوة تكريم أو قراءة
موجزة في بعض منجزه، على الرغم من التكريمات العديدة التي حظي بها في مشارق الأرض
ومغاربها، يبقى مشروعه الثقافي والإنساني أكبر، ويقتضي الإحاطة بجهوده وتوجّهه
الفكري تأسيس كرسي للدراسات اليمنية المغربية يحمل اسم كرسي الشميري للدراسات
المغربية اليمنية، وذلك من أجل ترسيخ ثقافة الاعتراف ومواصلة مشوار التفكير في
الطموح العربي؛ طموح الوحدة والتضامن والإخاء، وخاصة في ظلّ ما يشهده العالم من
تكثلات ومن نزوع نحو بناء اتحادات متكاملة فيما بينها، والعرب لديهم كل إمكانات
الوحدة، ولكن تحتاج الجهود إلى تقدير المبادرات الرائدة، وعلى رأسها مبادرات
الدكتور عبد الولي الشميري في الدفاع عن وطن عربي من المحيط إلى المحيط؛ من اليمن إلى
المغرب، هذه الجغرافيا الممتدة الأرجاء، التي تملك كل مؤهلات النجاح المشترك.
وبما أننا في حضن
الجامعة المغربية فإن أسمى ما يمكن أن نقدمه لمعالي الدكتور عبد الولي الشميري،
تكريما له، فضلاً عن دراسة أعماله بشكل أكاديمي ضمن رسائل الدكتوراة، حيث أسعد
بالإشراف على إحداها، نقدّم هذا الكتاب التكريمي باسم جامعتنا جامعة سيدي بن عبد
الله فاس، وكليتنا كلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز فاس، ومركزنا المركز
الأكاديمي للثقاف والدراسات المغاربية والشرق أوسطية والخليجية فاس، وهو تأليف
جماعي قمين بالدلالة على قيمة المحتفى به ومكانته الإبداعية والفكرية، يكشف عن غيض
من فيض عطاء هذا العالمِ الكبير، فالذين يعرفونه عن قرب لا يترددون في التعبير عن
إعجابهم بثقافة الرجل الواسعة وشغفه بالعلم والمعرفة والإبداع، فهو لا يفتر عن
العمل ليل نهار، في صمت ودون ضجيج، وبعيداً عن الأضواء، وتأسرك شخصيته؛ إذ لا يمكن
لمن يلتقي به إلا أن يُحبّه من أول وهلة، فهو دائم الابتسامة، مشرق المحيا، ناطق
بلسان القلب والحال قبل اللغة والبيان، ولذلك لا أخفي إعجابي بشخصيته، وسعادتي
بمشاركته حبور هذا التكريم العلمي أو قل هذا العرس الثقافي اليمني المغربي تقديراً
لجهوده وفرحاً بفروسيته الشعرية والفكرية العروبية، وتقديرا لأخلاقه النبيلة
ولإنسانيته الشامخة.
فهنيئاً لكم أخي
الفاضل معالي الدكتور عبد الولي الشميري هذا التكريم المستحقّ، وأرجو لكم طول
العمر والصحة والعافية والمدد النوراني المؤيد بتوفيق الباري سبحانه ليستمر دفاعكم
عن القيم المشتركة من أجل سلام الإنسانية جمعاء، ولا يفوتني توجيه عبارات الشكر
الجزيل والامتنان العظيم لكل من أسهم في هذا التكريم من قريب أو بعيد، الجامعة
والكلية والمركز والحضور الكرام. إننا جميعاً نسعى دائما لتثبيت أعراف الاعتراف
والوفاء لأهل العطاء من ذوي الفضل الواسع والعمل الصالح أمثالكم، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
أتيتُ كالصَّقرِ من شَمْسَانَ
من عَدَنٍ
للتَّوِّ أَهْتِفُ للُّقْيا
وحاديـــها
من السَّعيدةِ، من صنعاءَ
طائرتي
من الحُدَيْدَةِ، مُشتاقًا
أُناجيها
-----------
هذه الكلمة ألقاها د. عبد الوهاب الفيلالي رئيس المركز الأكاديمي للثقافة والدراسات المغاربية والشرق أوسطية أثناء تكريم الدكتور عبد الولي الشميري بكلية الآداب ظهر المهراز بفاس