في بنك الحظ 5 قواعد لتتعلمها في إدارة الأعمال
تتداعى دائمًا ذكريات الطفولة حينما نقوم بمشاهدة
أحد الألعاب التي لعبنا بها حين كنا صغارًا، فمن منا لم يلعب بنك الحظ Monopoly، من منا لم يحلم ببناء
الفنادق والسيطرة على اللعبة، من منا لم يشعر بفرحة وهو يعد أوراقًا خضراء وصفراء وحمراء
تدل على حجم «الثروة» التي يمتلكها.
بنك الحظ هي أحد الألعاب الأكثر شهرة، حيث يقوم
اللاعبون باللعب عن طريق النرد واللوحة، بحيث يشترون عددًا من المدن الموجودة على أطراف
اللوحة، بحيث يبنون إمبراطورياتهم ومنافسة الآخرين، حتى يبقى لاعب واحد فقط في اللعبة
هو من استطاع الفوز.
بنك الحظ توفر المتعة للاعبين، لكنها أيضًا
توفر بيئة تدريبية جيدة لتعلم إدارة الأعمال، حيث يمكن للاعبين تعلم العديد من القواعد
الخاصة بالأعمال والمشروعات، إليك بعضها.
في دخول السوق: منافسون متعددون أفضل
من منافس واحد
في لعبة بنك الحظ، حين تلعب أمام عدد من اللاعبين
ستجد أن المدن موزعة عليهم بشكل متقارب، ومن ثم ففرص أن يحوز أحدهم على نسبة كبيرة
من المدن أو أن يتملك ألوانًا كاملة، هي فرصة ضئيلة للغاية، ومن ثم يمكن للجميع أن
يتنافسوا لفترات طويلة.
أما حين يكون هناك لاعب واحد أمامك، فإن ذلك
يعني أنه سيحوز كمًّا كبيرًا من المدن، ومن ثم فرص أكبر للاستحواذ على ألوان بأكملها
وبناء فنادق عليها، ومن ثم قدرة أكبر على أخذ ضرائب منك عند المرور عليها.
نفس الأمر يحدث عند دخولك السوق، فالسؤال الأول
هو هل تدخل سوقًا به عدد من المنافسين أم تدخل سوقًا به منافس وحيد؟ الكثير يظن أن
المنافس الوحيد سيكون اختيارًا أفضل، ولكن بنك الحظ يخبرنا أن هذا المنافس سيكون لديه
الحصة الأكبر في السوق، شبكة من الموردين والموزعين، علاقة مع العملاء وسابق خبرة،
معرفة بالبراند Brand الخاص به، وفوق كل ذلك، سيكون لديه أموال سائلة Cash في حوزته نتاج أرباحه المتراكمة.
ذلك يعني أن دخولك هذا السوق سوف يواجه تحديات
اختراق شبكة الموردين والموزعين الخاصة به، تكلفة في الاستحواذ على العميل وتحويله
من منافسك إليك، وفي المقابل يستطيع منافسك أن يمنع عنك الموردين والموزعين لعلاقته
بهم، كما أنه يستطيع الدخول في حرب أسعار، يستطيع تحملها نتيجة قوة موارده المالية،
بينما أنت في بدايتك.
في المقابل، حين تدخل سوقًا به منافسون متعددون،
فهذا يعني عدم استحواذ أيهم على الحصة الأكبر، وأن قوة سيطرتهم على الموردين والموزعين
ليست كبيرة لأي منهم، كما أن محاولة أحدهم أن يتحرك ضدك ستعني أن الآخرين قد يتحركون
ضده، ومن ثم هناك فرصة لك للتحرك، خاصة حين تأخذ حصة صغيرة لن ينتبه لها أحد في ظل
المنافسة القوية بينهم.
في المنافسة: ميزتك التنافسية هي
مفتاحك للتفوق على منافسيك
الاستحواذ على كامل المدن ذات لون ما، يعني
إمكانية بناء فنادق على هذه المدن، تلك قوانين بنك الحظ. ومزيد من الفنادق يعني ارتفاع
سعر الإيجار الخاص بالمدينة، أي زيادة إيراداتك في كل مرة يمر بها أحدهم على أحد تلك
المدن خاصتك.
ينطبق الأمر نفسه في تحليل المنافسة بينك وبين
منافسيك، فقد يكون لمنافسيك قوة مالية، أو شبكة موردين وموزعين كبيرة أو غير ذلك من
أسباب القوة الاستراتيجية للشركات، لكن يمكنك أن تستحوذ على نقطة واحدة تكافئ كل ذلك،
وهي الميزة التنافسية، هذه الميزة التنافسية تستطيع أن تبني عليها نقاط قوة أخرى تمكنك
من المنافسة مع منافسيك.
انظر على سبيل المثال لجوجل حينما بدأت، أو
أبل حينما دخلت عالم الهواتف المحمولة، هؤلاء وغيرهم واجهوا منافسين أشداء، أبل واجهت
نوكيا وموتوريلا وغيرهم، وكانوا يمتلكون حصصًا كبيرة في السوق، وصلت لما يفوق 50% بالنسبة
لنوكيا في 2007. لكن أبل امتكلت ميزة تنافسية استطاعت بها أن تتفوق على منافسيها لكي
تصل إلى 51% من الحصة السوقية العالمية على مستوى الإيرادات في 2019.
لذا فإنه يمكنك أن تواجه منافسين كبارًا حين
تمتلك ميزة تنافسية قوية، وقد تكون هذه الميزة هي اختراعًا قمت به (مثل خوارزمية جوجل)
أو خبرة عميقة بالمجال أو غير ذلك، فالأمر لا يتطلب بالضرورة إنفاق المليارات، لكن
قيمة هذه الميزة التنافسية ستكون بالمليارات.
في الاستراتيجية: حدد القرارات الاستراتيجية
وادرس آثارها جيدًا
عندما تصل لأحد المدن غير المملوكة لأحد، ستواجه
بقرار هل تقوم بشرائها أم تتركها، هذا القرار ليس مجرد قرار ستأخذه كل جولة، وإنما
هو قرار إستراتيجي وله انعكاسات مختلفة، فقد تكون هذه المدينة هي الأخيرة ضمن لون كامل
مملوك لأحد اللاعبين، ومن ثم فشراؤك يعني قطع الطريق أمامه للبناء على هذا اللون، والعكس،
ومن ثم هناك احتمالات كثيرة كنتيجة لقرارك.
في المقابل هناك قرار رمي النرد، وهو قرار تقوم
به كل جولة، وفي الأغلب نتائجه ليست بهذا القدر من الضخامة في معظم الأوقات، لذا فأنت
في الأغلب تقوم برمي النرد مباشرة حين يأتي دورك بدون تفكير طويل.
في إدارة الأعمال تواجه دائمًا بمجموعة من القرارات،
بعضها استراتيجي وبعضها اعتيادي، وعليك دائمًا تحديد ما هو استراتيجي وما هو اعتيادي،
ثم دراسة النتائج والآثار المترتبة على القرارات الاستراتيجية لأنه في الأغلب تسرعك
في أخذها سوف يعني الكثير من الأخطاء في تنفيذ القرار، حتى وإن كان صحيحًا في مجمله.
في الأسواق الجديدة: صاحب النمو الأسرع سيحصل
على القطعة الأكبر من الكعكة
في بداية لعبة بنك الحظ، تكون لوحة اللعبة فارغة،
فلا يوجد أحد قد اشترى أي مدن، ومن ثم فكل الخيارات متاحة، تبدأ هذه الحالة بالتناقص
جولة بعد جولة، حيث يبدأ كل لاعب في الاستحواذ على المدن التي يستطيع الوصول إليها،
ويستمر الأمر حتى تستقر الملكية لكافة المدن والخدمات باللعبة، ويتحدد نصيب كل لاعب
منها.
هذه القاعدة بالغة الأهمية في إدارة الأعمال،
تحديدًا حين تقتحم سوقًا جديدًا Blue Ocean، ففي هذا السوق لا توجد حصص سوقية لأحد، ومن ثم فإن اللاعبين الجدد
في السوق أمامهم فرصة هائلة للتوسع، والمحك الأكبر سيكون في نسبة النمو، فمن سينجح
في تحقيق معدلات نمو مرتفعة، سيعني ذلك أنه سيستحوذ على حصة أكبر من السوق الجديد.
في مصر، كانت هناك حرب شرسة، وما زالت، بين
كل من سويفل SWVL وأوبر Uber وكريم Careem في سوق النقل الجماعي، خاصة في عام 2019، نظرًا
لكون السوق ما زال جديدًا (سوق استخدام التطبيقات في حجز وسيلة نقل جماعي) ومن ثم من
سينمو سريعًا فسيحوذ نسبة أكبر من السوق مقارنة بالمنافسين.
في التفاوض: الجميع رابح، هو أسهل
طريق لنجاح اتفاقاتك
دائمًا ما تواجه مواقف التفاوض في إدارة مشروعك
وأعمالك، فأنت ترغب في عقد اتفاق مع مورد أو موزع، تريد أن تعقد شراكة مع جهة ما، وغير
ذلك، في كل هذه المواقف أنت بحاجة لعدة التفاوض كي تنجح في مسعاك.
في بنك الحظ تواجه نفس الأمر، فهناك من يرغب
في شراء مدينة منك أو تبادل المدن معك، وغير ذلك، ومن القواعد المهمة في بنك الحظ وفي
التفاوض عامة أنه عندما يكون الاتفاق مربح للجميع فسيعني ذلك إمكانية أكبر للنجاح في
عقد الاتفاق.
انظر على سبيل المثال للشراكة بين سلاك Slack وسيلز فورس Sales Force، أشهر تطبيق للمحادثات ذات العلاقة بالعمل وأشهر نظام إلكتروني لإدارة
العملاء CRM، على التوالي، فكلا الطرفين
سيستفيدون من التكامل بين الشركتين، لأن عملاءهما يستخدمون خدمات الشركتين بشكل متوازٍ،
ومن ثم التكامل بينهما سيكون مفيدًا لعملائهما ومن ثم مفيدًا لزيادة أرباح الشركتين.
هناك العديد من قواعد إدارة الأعمال التي يمكن
أن يكتشفها صاحب العمل في العديد من المجالات، ومن ضمنها الألعاب مثل بنك الحظ وغيرها،
فقط عليك أن تدقق وتنظر بعين فاحصة، وبالتأكيد تستمع باللعب دائمًا.
المصدر: "مهند حامد شادي" عن "إضاءات"