اللجان الإلكترونية .. التعريف، والآليات، والأهداف، والأدوات
تعريف اللجان الإلكترونية وأهدافها
تُعرف
اللجان الإلكترونية Electronic Committees
بأنها مجموعات منظمة من الأفراد أو الحسابات الوهمية على الإنترنت، تعمل بشكل منسق
لخلق توجهات أو آراء معينة عبر منصات التواصل الاجتماعي. يمكن أن تتشكل اللجان الالكترونية أو الذباب الالكتروني بدعم من حكومات، جماعات سياسية، أو حتى كيانات تجارية، بهدف التأثير على الرأي
العام أو إشاعة أفكار معينة ضمن الأوساط الاجتماعية.
أهداف اللجان الإلكترونية: تتنوع، وتشمل:
1. الترويج لأفكار وأيديولوجيات محددة:
تستخدم
لدعم شخصيات سياسية أو جماعات معينة، أو حتى لإشاعة اتجاهات بعينها.
2.
التشويه وتشويه السمعة: تهدف إلى تشويه سمعة شخصيات سياسية أو منافسين عن
طريق نشر إشاعات أو معلومات مضللة.
3.
الإلهاء وتحويل الانتباه: من خلال إغراق وسائل التواصل الاجتماعي بموضوعات
تافهة أو توجهات غير هامة بهدف تهميش القضايا الأساسية.
4.
إحداث استقطاب وتقسيم المجتمع: من خلال نشر الأفكار المثيرة للجدل لزيادة
الخلافات بين الناس وتقسيم المجتمع، مما يؤدي إلى عدم استقرار.
آليات عمل اللجان الإلكترونية
تعتمد
اللجان الإلكترونية على آليات منظمة لاستهداف جمهور محدد وتحقيق أهدافها، وتشمل
الآليات التالية:
1.
إنشاء حسابات وهمية أو مدارة بواسطة روبوتات: يتم استخدام حسابات بأسماء
وهمية، أو حسابات تُدار عبر البرمجيات (البوتات) لنشر وتعزيز الرسائل المطلوبة
بشكل واسع وسريع.
2.
نشر التعليقات والإشاعات: تهدف إلى تعزيز قضايا معينة أو تقويض مصداقية جهة
ما عن طريق التعليقات والمنشورات المتكررة في المنصات الاجتماعية، مما يخلق
انطباعًا زائفًا بأن هذا الرأي شائع.
3.
التحكم في الترندات: تتعاون هذه اللجان لتوجيه المحادثات الاجتماعية عبر
جعل وسوم معينة رائجة. يحدث هذا عبر نشر نفس الرسالة أو الوسم عبر مئات الحسابات،
مما يضع الموضوع ضمن أبرز الموضوعات المتداولة.
4.
استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي: تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد
محتوى نصي ومرئي مقنع يوحي بأنه صادر عن أشخاص حقيقيين، مما يعزز من فعالية
الرسائل.
5.
التلاعب بالعواطف: تركز هذه اللجان على توجيه رسائلها بشكل عاطفي ومثير
للجدل، مستغلة القضايا الحساسة اجتماعيًا وسياسيًا، لجذب الانتباه وتحفيز استجابة
عاطفية من الجمهور.
آليات التصدي للجان الإلكترونية
يمكن
اتباع استراتيجيات متعددة للحد من تأثير اللجان الإلكترونية ومواجهة أساليبها في
نشر التضليل، ومنها:
1.
تطوير برامج ذكاء اصطناعي لرصد الحسابات الوهمية: يمكن لأنظمة الذكاء
الاصطناعي المراقبة المستمرة للحسابات الإلكترونية واكتشاف السلوكيات التي تشير
إلى الحسابات المزيفة أو الروبوتية، كالنشر المتكرر والتعليقات المتشابهة.
2.
تعزيز الوعي الرقمي: رفع مستوى الوعي لدى الجمهور حول أساليب التضليل
والخداع الإلكتروني، ليكونوا قادرين على التمييز بين المحتوى الأصيل والمحتوى
الموجه من قبل لجان إلكترونية.
3.
التعاون مع المنصات الإلكترونية: ينبغي على المنصات الاجتماعية (مثل فيسبوك
وتويتر) تشديد الرقابة والتخلص من الحسابات المزيفة، وكذلك تحسين الخوارزميات التي
تكشف عن المحتوى غير الحقيقي أو المضلل.
4.
تطبيق القوانين لمكافحة الجرائم الإلكترونية: إصدار تشريعات تجرم إنشاء
وتشغيل اللجان الإلكترونية لأهداف التضليل، ومعاقبة الجهات والأفراد الضالعين
فيها.
5.
إطلاق حملات توعوية ورقابية من قبل وسائل الإعلام: يمكن للإعلام أن يلعب
دورًا بارزًا في كشف اللجان الإلكترونية عبر إعداد تقارير استقصائية، تتناول تلك
المجموعات ووسائلها وخطورتها على المجتمع.
6.
تشجيع الشفافية في المعلومات الحكومية: عندما تقوم الحكومات بمشاركة
المعلومات الدقيقة مع الجمهور، تقل احتمالية انتشار الإشاعات أو المعلومات
الزائفة، مما يقلل من تأثير هذه اللجان.
الفرد العادي والتصدي لظاهرة اللجان الالكترونية
يمكن
للفرد العادي أن يلعب دورًا هامًا في التصدي لظاهرة اللجان الإلكترونية من خلال
مجموعة من الممارسات التي تعزز من وعيه وقدرته على التمييز بين الأخبار الصحيحة
والمزيفة. إليك بعض الخطوات والنصائح التي يمكن اتباعها:
تطوير الوعي الرقمي
- تعلم كيفية تقييم
المصادر :
يجب على الأفراد أن يتعلموا كيفية
تقييم مصداقية المصادر الإخبارية. يمكن ذلك من خلال التحقق من خلفية الموقع،
وتاريخ نشر المقال، والكاتب. يجب تفضيل المصادر المعروفة وذات السمعة الجيدة.
التحقق من المعلومات قبل المشاركة
- البحث عن المصادر
المتعددة :
قبل مشاركة أي خبر، يُفضل البحث عن
مصادر أخرى تؤكد صحة المعلومات. إذا كانت المعلومات صحيحة، فيجب أن تُذكر في
عدة مواقع موثوقة.
- استخدام أدوات
التحقق من الحقائق :
هناك العديد من المواقع المخصصة
للتحقق من الأخبار مثل "Snopes" و"FactCheck.org". يمكن للفرد استخدام هذه
الأدوات للتحقق من المعلومات المثيرة للجدل.
التعرف على علامات الأخبار المزيفة
- التحقق من العناوين
المثيرة: غالبًا ما تستخدم الأخبار
المزيفة عناوين مثيرة أو مضللة لجذب الانتباه. إذا كان العنوان يبدو مبالغًا
فيه أو صادمًا، يجب أن يكون الفرد حذرًا.
- تقييم الصور
والفيديوهات :
الصور يمكن أن تُعدل أو تُستخدم خارج
السياق. يُنصح بالبحث عن الصور الأصلية أو استخدام أدوات عكس البحث عن الصور
مثل "Google Reverse Image
Search".
التفكير النقدي
- طرح الأسئلة :
يجب على الأفراد أن يسألوا أنفسهم:
ما هو الهدف من هذا الخبر؟ من الذي قد يستفيد من نشره؟ هل هناك أجندة خفية؟
- تجنب الاستجابة
العاطفية الفورية :
عندما تكون الأخبار مثيرة للجدل أو عاطفية،
يجب التمهل والتفكير قبل المشاركة أو اتخاذ موقف.
استخدام منصات التواصل الاجتماعي بحذر
- تفعيل خيارات
الخصوصية: يجب أن يكون لدى الأفراد
وعي بالخصوصية، وتجنب مشاركة معلومات حساسة قد تُستخدم ضدهم أو تُسهل
استهدافهم من قبل اللجان الإلكترونية.
- تجنب نشر الشائعات :
إذا كان هناك شك حول صحة المعلومات،
يُفضل عدم مشاركتها. يجب أن يكون الأفراد واعين لأثر مشاركتهم على المجتمعات.
نشر الوعي بين الأصدقاء والعائلة
- مشاركة المعرفة :
يمكن للفرد العادي مشاركة المعرفة
المكتسبة مع الآخرين، وتعليمهم كيفية التحقق من المعلومات، مما يسهم في تعزيز
الوعي الجماعي حول الأخبار المزيفة.
- تشجيع النقاشات
النقدية :
يمكن للأفراد تشجيع المحادثات حول
كيفية التحقق من الأخبار، مما يساعد على تحسين التفكير النقدي داخل مجتمعهم.
الإبلاغ عن المحتوى المضلل
- استخدام أدوات
الإبلاغ :
إذا واجه الفرد محتوى مضللًا أو يشجع
على الكراهية، يجب الإبلاغ عنه على المنصات الاجتماعية. هذا يسهم في تقليل
انتشار المحتوى الضار.
الالتزام بالقوانين
- معرفة الحقوق: من المهم أن
يعرف الأفراد حقوقهم القانونية فيما يتعلق بمسائل المعلومات والمحتوى المضلل.
الالتزام بالقوانين المحلية والدولية يساعد في محاربة الأخبار الكاذبة.
ما هي أبرز وأكثر الدول التي تستخدم اللجان الالكترونية؟
تعتبر
ظاهرة اللجان الإلكترونية ظاهرة عالمية، ولكن بعض الدول تُعرف بشكل خاص باستخدامها
في سياقات سياسية واجتماعية معينة. فيما يلي قائمة ببعض الدول البارزة التي
تُستخدم فيها اللجان الإلكترونية بشكل ملحوظ:
روسيا
- تُعتبر روسيا من أبرز الدول
التي استخدمت اللجان الإلكترونية لأغراض سياسية، خاصةً في التأثير على
الانتخابات والسياسات الداخلية والخارجية. تم توثيق استخدام "جيش من
البوتات" على الإنترنت لنشر الدعاية والتضليل، وخاصة خلال الانتخابات
الأمريكية لعام 2016.
الولايات المتحدة
الأمريكية
- شهدت الولايات المتحدة زيادة في
استخدام اللجان الإلكترونية، خاصة في الانتخابات. تم استخدام حسابات وهمية
لنشر المعلومات المضللة والتأثير على الرأي العام حول قضايا سياسية مختلفة.
الصين
- تمتلك الصين نظامًا متقدمًا
للرقابة على الإنترنت، حيث تستخدم الحكومة اللجان الإلكترونية للترويج
للروايات الرسمية ومهاجمة المعارضين. تُستخدم هذه اللجان لخلق انطباعات
إيجابية عن الحكومة وللتأثير على النقاشات العالمية.
إيران
- تستخدم إيران اللجان
الإلكترونية للتأثير على النقاشات حول القضايا الإقليمية والدولية، ولتعزيز
الروايات الرسمية حول الأحداث الداخلية. تُستخدم هذه اللجان لتعزيز الدعاية
الحكومية ومواجهة الانتقادات.
تركيا
- تم استخدام اللجان الإلكترونية
بشكل متزايد في تركيا لتعزيز الروايات السياسية الموالية للحكومة، خاصة خلال
الانتخابات. تم توثيق استخدام حسابات وهمية لنشر الدعاية ومهاجمة المعارضين.
الهند
- في الهند، تم استخدام اللجان
الإلكترونية من قبل الأحزاب السياسية لتعزيز حملاتها الانتخابية والتأثير على
الرأي العام. تُعتبر وسائل التواصل الاجتماعي منصة رئيسية لنشر الرسائل
السياسية.
الفلبين
- تُعرف الفلبين باستخدام اللجان
الإلكترونية في الحملات الانتخابية، حيث تم توثيق استخدام حسابات وهمية لدعم
المرشحين، وترويج الأخبار المزيفة.
بعض الدول
العربية
- تشهد بعض الدول العربية، مثل
مصر والسعودية والإمارات، استخدام اللجان الإلكترونية للتأثير على الرأي
العام ولتوجيه النقاشات السياسية، خصوصًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كوريا الشمالية
- تُستخدم اللجان الإلكترونية
بشكل محدود نسبيًا، ولكن الحكومة الكورية الشمالية تروج لرواياتها الرسمية
عبر الإنترنت وتستخدم حسابات وهمية لإحباط الانتقادات.
استنتاج
تظهر
هذه الأمثلة أن اللجان الإلكترونية تُستخدم في سياقات مختلفة حول العالم، مع
تأثيرات متفاوتة على المجتمعات والسياسات. تبقى هذه الظاهرة موضوعًا للنقاش
والبحث، خاصةً في ظل تأثيرها المتزايد على الرأي العام وصنع القرار.
الخاتمة
تمثل اللجان الإلكترونية تهديدًا حقيقيًا على النزاهة المعلوماتية واستقرار المجتمعات، فهي قادرة على التلاعب بالرأي العام وتوجيه الأحداث بطرق مغلوطة. تعد مواجهة هذه الظاهرة تحديًا عالميًا يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات.
إن الوعي
الرقمي، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، والالتزام بالتشريعات يمكن أن يكونوا من
أكثر الوسائل فاعلية لمكافحة هذا النوع من التضليل الرقمي.
كلما
زادت وعي الأفراد واستعدادهم لمواجهة المعلومات المضللة، كانت قدرتهم على التصدي
للجان الإلكترونية أكبر. من خلال تبني سلوكيات إيجابية وتطوير مهارات التحقق من
المعلومات، يمكن للفرد أن يصبح جزءًا من الحل في مكافحة انتشار الأخبار الكاذبة
والتضليل الإعلامي.