طريق ممتدٌّ غير ممهّد.. (قصة قصيرة)
كعادتي كل صباح أمشي مسرعا إلى عملي، لكنني هذه المرة كنت أهرولُ لعلمي بزيارة مفاجئة... لوّح لي رجل بدين تجاوز الستين عاما، يجلس على كرسي خشبي متهالك، فتباطأت خطواتي حائرا بين الاستجابة لإشارة الرجل، أم تجاهله لأصل لعملي في موعدي قبل إغلاق دفتر الحضور والانصراف؛ فغلبني ضميري وتوجهت ناحية الرجل... نعم
- ساعدني أدخل عرفتي، لو سمحت يا ابني
الرجل بدين، ووزنه ثقيل، ولن أستطيع أن أدخله غرفته بمفردي خاصة أنني مصاب بآلام شديدة في الفقرات، فاقتربت سيدة تعاونني، استند الرجل على كلينا، كان بنطاله مبللا، ورائحته نفاذة، وكذلك غرفته التي تقع تحت السلم، بها سرير صغير فرشه ممزق، رائحته لا تطاق، وحبل مدلى من السقف، يستعين به على الحركة فوق السرير، وبعض الأطباق المتناثرة،...
- وصلت متأخرا، بررتُ تأخري، وقصصتُ ما حدث، تأثرت السيدة المديرة، غدا أحضر معي في السيارة كرسيا بعجل يناسبه...
- في اليوم التالي أخذتُ الكرسي معي، الرجل ليس في مكانه الذي كان يتواجد فيه أمام المنزل، سألت أحد الجيران عنه، فأخبرني أنه مات، ودُفن...
- بهذه السرعة؟
- يا أستاذ ليس له أهل سوى بنت واحدة متزوجة، وحين حملناه إليها مريضا، أعادته معنا في نفس السيارة متعللة بضيق شقتها، وعدم قبول زوجها لوجوده؛ لذا بادرنا نحن جيرانه في الشارع بدفنه في مقابرنا...
- أخذتُ الكرسي وانصرفتُ لمنزلي، أبكي متأثرا، سافرتُ بعد حين ومعي الكرسي لقريتي، وقد علمتُ أن هناك من هو بحاجةٍ إليه؛ لكنهُ مات قبل أن يصل إليه...
- مضى زمن لم يطلبهُ أحد، وأنا الآن إجلسُ عليه، والطريق ممتدٌّ أمامي غيرَ ممهد...
__________