وللناس فى رمضان مذاهب، فمنهم من يعشق السهر والسمر.. ومنهم من يهتم بالطعام والشراب فقط، ولكل بلد عاداته وتقاليده المتوارثة عن الأجداد والآباء، لهذا فإن رمضان له فى كل بلد طعم مميز ورونق خاص، نحاول فى السطور التالية التجول فى بعض البلدان لنقل صورة سريعة عن الإحتفالات الرمضانية في العالم الإسلامي:
رمضان فى قاهرة المعز
بنت المعز القاهرة.. حتى الصباح ساهرة، تزدان الشوارع
والمآذن بالأضواء وتعلو الإبتهالات ويلهو الأطفال بالفوانيس، مفردات وطقوس تميز
شوارع المدينة أهمها إنتشار صانعو الكنافة والقطايف فى كل الشوارع تقريباً، ملايين
الفوانيس التى تزدان بها الشرفات ومداخل البيوت وواجهات المحلات.. إبتهاجات وأغانى
تردد "رمضان جانا" "وحوى يا وحوى".. وموائد الرحمن العامرة
بالخيرات ونعم الله الكثيرة التى تخص هذا الشهر الكريم.. وبعد التراويح تزدحم
المقاهى برواد المشروبات الساخنة والإبتهالات أنها الأفراح والليالى الملاح
إحتفالاً بالعطايا والهبات التى تمتلئ بها جعبة رمضان.
ولهذه الليالى طابع فريد ينعكس على المساجد المصرية
والمآذن.. فالقاهرة هى مدينة "الألف مئذنة" كما هو معروف.
وحوى يا وحوى
تبدأ الإحتفالات قبل بداية الشهر بعدة أيام فى جميع
أحياء القاهرة فيقوم الأطفال بشراء الفوانيس الملونة وإشعالها بالشمع فى عز النهار
إستعجالاً لحلول الظلام لكى يطوفوا فى الشوارع مرددين أغانيهم الشهيرة "وحوى
يا وحوى" ويقوم الكبار بدورهم بتنظيف الشوارع ورش المياه وتعليق الإعلام
والرسومات المبهجة على واجهات المنازل والمساجد وعندما يسمع صوت المدفع إيذاناً
بالإفطار يتناول الصائمون طعامهم المطهى بعناية خاصة تكون المائدة عامرة بكميات
هائلة ثم يخرج الجميع إلى الساحات والميادين حيث فرق الفنون الشعبية في الخيام
الرمضانية ولكن أفراح المساجد الرمضانية لها أصولها وطقوسها التى يحفظها المصريون
عن ظهر قلب.
ألف بهجة وبهجة
فلهذه الأفراح جذور تاريخية تعرفها مآذن المساجد وتطرب
لها، وأول مئذنة تبتهج بقدوم رمضان هى مئذنة الجامع الحسينى، وتقام فى ساحته
الخارجية مظاهر لا نظير لها منذ أن أنشأه الخليفة الظاهر بأمر الله الفاطمى عام "1154م-549هـ"
أذ يقيم المصلون بعد صلاة المغرب حلقات للذكر بعدها يخرج بعضهم من "الباب
الأخضر" إلى السهر والجلسات العامرة بالمتسامرين.
وفى مسجد عمرو بن العاص وهو أول المساجد التى تم بناؤها
بالقاهرة عام "21هـ-642م" هناك حيث الأروقة الفسيحة يكون موعد آخر مع
البهجة، إذ يتجمع الأطفال والشيوخ معاً حاملين كل ما جاد به رمضان من وسائل الفرح
والسعادة حيث أغطية الرأس الورقية اللامعة والهدايا على شكل أكياس من "حب
العزيز" والفول السودانى التى تباع خارج المسجد بأسعار زهيدة وأحياناً مجاناً،
ويستمعون للإنشاد الديني والغناء الشعبي .
الكنافة والقطايف
ومن المشاهد الرمضانية المحببة هى إنتشار محلات الكنافة
والقطايف فى كل شوارع وحارات مصر تقريباً، فلا يكاد يخلو شارع أو حتى زقاق ضيق من
صانعوا الكنافة والقطايف الذين يصنعون الأفران الخاصة بهما فى الشوارع فى مشهد
محبب لكل مصري مسلم.. وللكنافة والقطايف فى مصر حكاية ترجع إلى عصر المماليك فهم
أول من أدخلوا صناعتها للترفيه عن الصائمين والمحرومين لدرجة أنها أصبحت موضع مساجلة بين الشعراء فداعب
أحدهم الكنافة بقوله.
سقى الله أكناف الكنافة بالقطر وجاء عليها سكر دائم الدرر
وتبا لأوقات المخلل إنها..
تمر بلا نفع
وقال شاعر فى المدح القطايف:
هات القطايف لى هنا فالصوم
حينها لنا
قد كان يأكلها أبى وأكرهها
أنا
لكنى منذ ذقتها ذقت
السعادة والهنا
سحر المقاهي
أما سهرات المقاهى فى القاهرة فلها شكل مختلف ومذاق خاص،
فهي عالم فريد متشابك له سماته الخاصة ،وفى شهر رمضان تأخذ هذه المقاهى زينتها
وزخرفها بشكل له سحر خاص، وظهور المقاهى القاهرية لم يحدد تاريخه ولكن الذى لا شك
فيه أن المقاهى كانت جزءاً من الحياة القاهرية منذ أن أتسعت القاهرة، ولم تعد
الحياة قاصرة فيها على الخلفاء الفاطميين، فالمقاهى فى مصر بصفة عامة لها حكاية فى
التاريخ فالقهوة التى أستمد منه المكان أسمه لم تدخل مصر إلا فى القرن السادس عشر،
وقيل أن أول من إهتدى إليها هو "أبو بكر بن عبد الله" المعروف بـ
"العيدروس" وللمقاهى فى القاهرة تاريخ جميل، وسبب شهرة المقاهى أنها
كانت للترفيه عند أولاد البلد وخاصة فى شهر رمضان وأن أجهزة الراديو لم تكن منتشرة
كما هو الحال اليوم، ولم يكن هناك بالطبع تليفزيون، ومن هنا تولى أصحاب هذه
المقاهى الشعبية مسئولية تقديم المادة الترفيهية لهؤلاء الناس الشعبيين الطيبين،
كانت وسيلة أصحاب المقاهى فى تقديم هذه المادة هى الشاعر الشعبى بالربابة والمنشد
البلدى الذى يشدو بالمواويل بكل أنواعها والشاعر الشعبى الذى كاد يختفى من حياتنا
اليوم كان له وجوده المكثف فى تلك الأيام والتى تحكى من خلالها قصص التاريخ
البطولى للعرب ورموزهم الشهيرة.
ورغم ظهور الفضائيات بسحرها، فمازالت المقاهى تعج
بروادها طوال شهر رمضان، ومن يشاهد إزدحام هذه المقاهى فى ليالى رمضان يظن أن لا
يوجد أحد فى مسكنه، ولكن الحقيقة أن البيوت عامرة، والمقاهى تعج والخيام الرمضانية
مزدحمة، والشوارع تموج بالبشر، فى حركة دائبة وغير عادية إحتفالاً وبهجة بالشهر
الفضيل.
رمضان فى لبنان
أول إطلالة لرمضان تعرف من أصوات مدافعه الثلاثة التى
تطلقها الدولة وحينها يدرك المواطنون أن شهراً من نوع آخر يطل عليهم، شهر رمضان
غير أن هذه العادة قد إنقرضت فى بعض المدن وخصوصاً فى بيروت العاصمة أثناء الحرب
الأليمة التى مرت على لبنان لكنها لم تغب عن المدن الأخرى كمدينة طرابلس، وهذا العام
عاد البيروتيون ليسمعوا صوت المدفع من جديد بعدما طلبت دار الفتوى من قيادة الجيش
إعادة أحياء هذا العادة.
ومدفع رمضان تقليد إبتداعه العثمانيون وعمموه فى عدد من
المدن والأمصار الإسلامية ويطلق عند غروب كل يوم فى شهر رمضان إيذاناً بالأفطار أو
بالأمساك.
السحور.. والأسرة
ينام المؤمنون فى رمضان ويترقبون قدوم
"المسحراتى" الذى يخترق بقضيبه الخيزرانى سكون الليل يقرع به طبلته
لإيقاظ النيام إستعداداً لبدء يوم صومهم.
والمسحر هو أحد الرموز المحببة لنفوس المؤمنين ورغم أن
صورته قد خفتت وتضاءل دوره فى هذه الأيام إلا أن له رونقه المحبب دائماً فى
الأحياء الشعبية وبصوته الشجى منشداً أبيات من الشعر الدينى مثل: "يا نايم
وحد الدايم يا نايم وحد الله" و"قوموا على سحوركم جاى رمضان
يزروكم".
تكون العائلة اللبنانية فى شهر رمضان على غير عادتها
وبشكل لم تعهده من قبل، إذ أن الأسرة تجتمع بأسرها إلى مادئتى الإفطار والسحور،
وهى كانت قلما تلتقى نظراً لتضارب مواعيد أفراد العائلة ومزاجهم وأوقات تناول
طعامهم بسبب ظروف أعمالهم وإنشغالاتهم اليومية.
موائد رمضان
مائدة رمضان فى لبنان لها أصنافاً مميزة لابد أن تكون
حاضرة كلها أو بعضها –على مائدة الإفطار أو السحور.
أول هذه الأنواع التمر الذى يتناوله الصائم عقب إنطلاق
مدفع الإفطار إقتداء بسنة النبى العظيم عليه الصلاة والسلام ولما له من فائدة
طبية، فالتمر سيد المائدة وبه يبدأ الإفطار ويجب أن يكون فى المقدمة.
أما "الشوربة" فإن لها الحظ الأوفر فى الموائد
الرمضانية وتنفع بضع حسوات منها فى ترطيب الحلق الجاف تهيئة المعدة لإستقبال
الوجبة الدسمة.والشوربة على أصناف أفضل ما كان بالعدس المجروش والخضار، وهناك
الطبق المميز فى لبنان وهو "الفتوش" الذى يدخل فى تركيبه جميع أنواع
الخضار ويؤكل قبل بداية الوجبة الأساسية على الإفطار.
وتتفنن ربة المنزل –يشاركها معظم أفراد العائلة- فى صنع
صحن "الفتوش" فعملية تحضير "الفتوش" تحتاج إلا ثلاث أو أربع
ساعات أحياناً للحصول على وجبة مغذية وضرورية لإشتمالها على أنواع الفيتامينات
كافة.
وهناك "الفتة" والحمص بالطحينة اللتان يحرص
الصائم على وجودهما على المائدة إضافة إلى العديد من المأكولات التى لا ينفصل
وجودها عن رمضان منها الكبة النية والباذنجان بالطحينة وغيرها.
ثم هناك صنف آخر وهو "المغربية" تصنع من
السميد ويفرك باليد ويتم "تهبيله" على البخار ويضاف إليها الحمص والبصل
المسلوق وهى تشكيلة ضرورية مع المخلل.
مآدب جماعية فى أندونيسيا
تحتفل أندونسيا باستقبال الشهر الكريم
على المستويين: الرسمى والشعبى، فعلى المستوى الرسمى تتولى وزارة الشئون الدينية
هناك إعلان بداية شهر رمضان بعد ثبوت رؤية هلاله، وعلى المستوى الشعبى.. بعد أن
يتلقى الشعب البشرى بحلول الشهر
الكريم.
بعدها يبدأ الأطفال والشباب فوراً فى
الطواف فى الشوارع وهم يدقون الطبول ويرددون الأناشيد ليعلنوا فرحتهم بقدوم الشهر
الكريم حتى موعد السحور.
ويبلغ عدد المسلمين فى أندونيسيا حوالى
مائتى مليون نسمة، وهم من أشد المسلمين حرصاً على صيام رمضان، وممارسة روحانياته،
وهم عادة يجتمعون رجالاً ونساءً فى
المساجد قبل الإفطار ليؤدوا صلاة المغرب، ثم يتناول الجميع إفطارهم فى أماكن خاصة
بالمساجد أقيمت خصيصاً لهذه المآدب الجماعية.
وعادة ما يبدأ مسلمو أندونسيا إفطارهم
بالتمر واللبن سنة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم يصلون المغرب،
وبعد ذلك يتناولون الطعام الذى يعدونه فى منازلهم، ثم ينقلونه إلى المساجد قبل
موعد الإفطار.
السنغالية.. زيارة ومصالحة
وأهم مظاهر الاحتفال بشهر رمضان فى دولة
السنغال هو حرص كل مسلم هناك على زيارة مصالحة أى شخص كان بينه وبينه أى سوء تفاهم
أو خصام، ويطلبون من بعضهم البعض الغفران والسماح مع بداية الشهر الكريم، وهكذا
يبدأ مسلمو السنغال الشهر الكريم كصفحة بيضاء، كما يمتاز هذا الشهر عند مسلمى
السنغال بفرط عنايتهم وإهتمامهم بفقراء المسلمين، وتأخذ كل عائلة مسلمة على عاتقها
مهمة إطعام أسرة مسلمة فقيرة وإمدادها بكل ما تحتاج إليه من غذاء وكساء عدا ما
تقدمه لها من صدقة أو زكاة فطر.
ويحرص مسلمو السنغال فى إفطارهم فى
رمضان على تناول التمر والماء فى بداية الإفطار، ثم يتناولون وجبة الإفطار الأولى
بعد صلاة المغرب، وتسمى "اللاخ" وهى عبارة عن نوع من الحلوى المصنوعة من
الدقيق المطبوخ فى اللبن والسمن والسكر، وهى تشبه إلى حد كبير "سد
الحنك" وبعد صلاة العشاء يتناولون الوجبة الرئيسية من طعامهم والمكونة من
الأرز والسمك، وهم ينوعون فى طبخ الأسماك بإعتبارها عماد الأطباق التى بيتناولونها
على مدار العام.
زفة العروس
وتبدأ طقوس هذه الزيارة عندما تخرج
العروس من بيتها وهى بكامل زينتها وأغلى عطورها، وتلتف حولها صديقاتها يحملن
المباخر التى تملأ الجو بعبير بخورها الذكى، ويزفون العروس مرددين الأغانى مصحوبة
بالموسيقى الشعبية حتى تصل إلى منزل أهل زوجها.
أما بالنسبة لأطفال الصومال، فهم
يستقبلون الشهر الكريم كما يستقبله الأطفال المصريون، حاملين فوانيسهم المصنوعة من
نوع من الثمار يشبه القرع العسلى، يجوف وتوضع به شمعة ويحمله الطفل ليلعب به مع
أقرانه أو إخواته مرددين الأغنيات الجميلة التى تطلب من الكبار أن يجودوا بما
عندهم من خيرات رمضان.
ويحرص الشعب الصومالى قبل إستقباله شهر
رمضان على طلاء منازلهم باللون الأبيض، إبتهاجاً بقدوم الشهر المبارك ويزينونها
بالأنوار المبهرة.
آجار آجار.. فى ماليزيا
ولعل أهم ما يميز رمضان فى ماليزيا، هو
إحتفاؤهم وحرصهم على تجويد القرآن الكريم، وتقيم ماليزيا مسابقات ضخمة للقرآن
الكريم، تبدأ بمستوى تلاميذ المدارس، وتتدرج لتصل إلى مستوى الولايات الثلاث عشرة
التى تمثل دولة ماليزيا وتقام فى كل دائرة مسابقة عالمية لحفظ القرآن الكريم،
يشترك فيها أربعون دولة إسلامية، هذه المسابقة تقام منذ أكثر من ثلاثين عاماً مضت.
ويحرص مسلمو ماليزيا على تناول الأرز فى
إفطارهم كوجبة رئيسية، وهم يطهون حبوب الأرز بأشكال وأصناف كثيرة، على ان أحبها
لديهم فى شهر رمضان هو "الكتوف"، وهو طبق الأرز المحشو داخل أوراق جوز
الهند، وكذلك طبق اللحم المطبوخ بالبهارات، ويسمونه "وندنج".
ويحرص مسلمو ماليزيا كذلك على تناول نوع
من الحلو فى رمضان، يسمونها "آجار آجار" وتصنع من دقيق الأرز وعصير وسكر
جوز الهند، ويحرص حكام ماليزيا على فتح أبوابهم لضيوف رمضان فى هذا الشهر.
العرجاء.. والسائرة
أما فى افغانستان، فيقوم الشباب
والأطفال بدور المسحراتى، ويسمى من يؤدى هذا العمل "الرمضانى" وهو يقوم
بعمله متطوعاً، ويسيرون جماعات وكأنهم فرقة ويعزفون الموسيقى، ويذهب الصائمون إلى
المساجد بعد الإفطار لصلاة العشاء ولسماع القرآن الكريم، ولديهم شخصية إسمها –الفاتح-
تتابع قارئ القرآن الكريم لترده إلى
الصواب إذا أخطأ فى التلاوة.
وفى باكستان يدق المسحراتى أبواب البيوت
دون أن يقول كلمة وهناك حفظة للقرآن الكريم يتلونه كاملاً فى ليلة واحدة، وسمى هذه
العادة "شبيناه" ومعناها –ليلة واحدة- بلغتهم، وهم يشربون
"الليسى" وهو مثل اللبن الزبادى، ممزوجاً بالماء والسكر، وهم لا
يتناولون طعام الإفطار فى رمضان إلا بعد صلاة المغرب، ويسمون الأيام العشرة الأولى
من رمضان "العرجاء" لأنها متعبة فى صيامها، ويسمون الثانية
"السائرة" لأنها تمضى عادية، أما العشرة الأخيرة فيسمونها الراكضة لأنها
تمضى بسرعة.
"الحلو مر" السودانية
وفى السودان يشربون "الحلو
مر" وهو يطفئ العطش، وطعمه مثل إسمه: حلو، ويضاف إليه القرنفل وبعض التوابل،
ومن أجمل عاداتهم هناك أنهم فى الريف يفضلون أن تقام مائدة الإفطار فى فناء الدار
أو أمام الباب من أجل إستقبال الضيف الذى يمر ساعة الإفطار، ودعوته للطعام.
رمضان على
الطريقة المغاربية
وفى المغرب يبدأ
الصائمون إفطارهم بشرب "الحريرة" وهى حساء ، ويطبخ باللحم الضأن ممزوجاً
بالحمص والفول، ويختمون طعامهم بالشباكية وهى حلوى تصنع من الدقيق، مع خلطة بالموز
والسكر والسمن، وهناك "الشفار" وهو خبز يقلى مع البيض والسمن والسكر
واللبن، وتنتشر فى البادية "الرغائف" أى الفطائر المحلاة بالسكر.
أما فى تونس فترتفع
الزينات لقدوم رمضان، وتقام الحفلات "السلامية" نسبة إلى الشيخ عبد
السلام الأسمر، شيخ هذه الطريقة التى تحتفى فى رمضان بالأذكار الدينية، وتتفنن
السيدات فى صنع "المسقوف" وهو عبارة عن "الكسكسى" بالسكر وحب
الرمان.
وفى الجزائر
يتجمع الأطفال فى المساجد إنتظاراً للآذان، وبعد إفطارهم على التمر مع آبائهم
يعودون للبيت لتناول الطعام، وكثيرون يشربون القهوة قبل الأكل، وحلواهم إسمها
"الزلابية"، والمسحراتى عندهم لا يحمل طبلة، بل يحمل مزماراً مثل
الفلوت، يعزف عليه نغمة معينة توقظ الناس النائمين، ويتناولون سحورهم مكوناً من
اللبن المضروب "الرايب" والكسكسى باللحم والدجاج.
الهريس فى البحرين
هناك بعض العادات الإجتماعية فى البحرين
وتتمثل فى البدء بزيارة الأكبر سناً فى بداية الأسبوع الأول من الشهر المبارك..
وهناك تقليد لابد من وجوده عن الفطور وهو ضرورة تناول طبق الشوربة والتمر والقهوة
العربية، وذهاب الرجال إلى المسجد لأداء صلاة المغرب، وعند عودتهم يتناولون طعام
الفطور مع أسرتهم من الهريس والثريد واللقيمات، وربما يتناول البعض منهم المكبوس
لأنها تعتبر أكلة ثانوية عندهم.
وللمجالس الرمضانية نصيب فى البحرين
ففيها يجتمع رجال الأسرة والأصدقاء
والمعارف لمناقشة وطرح العديد من القضايا الخاصة والعامة، ويقدم إليهم
خلالها التمر والقهوة والشاى والحلوى البحرينية الشهيرة التى لابد وأن تكون فى كل
بيت طيلة أيام الشهر الفضيل.
الصلاة فى الحرمين
تنفرد السعودية، بتوجه قلوب المسلمين
لها كل يوم لأداء فروض الصلاة وأداء فريضة الحج المباركة والعمرة فى الديار
المقدسة فى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومع أذان المغرب تفرش موائد الإفطار فى
الحرمين المكى والمدنى، ويتسابق القائمون عليها لجذب المسلمين ليجلسوا فى موائدهم،
وكلما زاد عدد الجالسين إزداد فرح القائمين على هذه الموائد.
ولا يتخلى السعوديون عن طبقهم اليومى
المشهور "الكبسة"، ولكن يفضله البعض طعاماً لسحورهم كوجبة يتناولونها مع
السلطة واللبن، أو يختار البعض الآخر اللبن الزبادى والفول طبقاً رئيساً، أو الخبز
مع الإدام وهو طبق الخضار، أو تناول رقاق الكنافة والأقراص والجريش والمثلوثة
والمطاطيز والسمبوسك وهى أكلات معروفة فى المملكة.
وتوجد أربعة مواقع للمدافع الرمضانية فى
السعودية وهى جبل السليمانية –بل المدفع- وتوجد فيه ثلاثة مدافع وجبل
شماس- مجر الكبش- وفيه مدفعان، ومنطقة الغوارية وفيها مدفعان، ومحافظة الجموم ولها
مدفعان، وبذلك يصبح مجموع المدافع المعدة لشهر الصيام فى أنحاء مكة المكرمة تسعة
مدافع يعمل عليها 29 رجلاً، وتطورت مدافع الإفطار فى المملكة حيث أن طلقاتها القديمة
التى كانت تعتمد على البارود والملح والخيش قد أبدلت بالطلقات الحديثة الأكثر
أماناً عند إطلاقها ليسمع صوت المدفع موعد فطور الصائمين.
ويمتلئ الحرم المكى الشريف مع دخول ليلة
الحادى والعشرين من شهر رمضان بملايين المصلين الذين يأتون من كل فج عميق، ويقطعون
المسافات الطويلة وينفقون الأموال الطائلة، لكى
يفوزوا بقضاء الليالى العشر الأواخر من شهر الصيام، إلتماساً لليلة القدر المباركة مقبولة
الدعاء، والتى هى خير من ألف شهر.
ويرتدى أطفال المنطقة الشرقية أجمل
ثيابهم ويخرجون فى مجموعات يحملون أكياساً خاصة يعلقونها فى أعناقهم ويطوفون على
بيوت الجيران، ويوزع عليهم الأهالى المكسرات، ويرددون هذه الأغنية:
فرقع فرقع فرقيعان أم قصير ورمضان
عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم
الجامع الأموى بسوريا
يستقبل السوريون شهر رمضان بتقاليد
متوارثة تبدأ بتقاليد إثبات مولد هلال الشهر الكريم، وتلتزم هذه المسألة اسس
علمية، ففى ليلة الثلاثين من شهر شعبان يجلس القضاة والوجهاء فى المسجد الأموى فى
دمشق خلال الساعات التى يتوقعون فيها ظهور هلال الشهر الكريم لإعلان بدء صيام
رمضان الفضيل.
وعقب تناول الفطور فى رمضان، يتجمع
أطفال الحى، وبيد كل واحد منهم صحن فارغ، ويدورون على بيوت الأغنياء منهم ليأخذوا
السحور، ويقولون عن باب البيت:
محمد على فرسه ويقول لها دورى
يا محرمة من دهب والشب غندورى
يا ريتنى دوده على الحيط مصموده وعروستك يا محمد مكحله ومصموده
ولولا محمد ما جينا يحل الكيس ويعطينا
التماسى اليمنية
شهر رمضان فى اليمن خصوصية دينية وقد
إرتبطت به عادات وتقاليد إجتماعية جميلة فمثلاً يتم إستقبال شهر رمضان بصيام أيام
من شهر رجب وصيام "الشعبانية" ألا وهى الثلاثة البيض من شعبان.
وقبل حلول الشهر بأيام تجهيز الأسرة الحبوب
كالذرة والشعير والفول هذا بجانب الأشياء الأخرى التى ترتبط بالموائد الرمضانية
ومن المظاهر التى تتم قبل حلول الشهر بيومين أو ثلاث ما عرف بـ
"التناثير" وهى أن يجمع عدد من الأشياء القابلة للحرق مثل الحشائش
والأحطاب ويقوم الأطفال بإشعال النار فيها هذا إلى جانب أنهم يرقصون وينشدون بعض
الأناشيد الخاصة برمضان والمعروفة بـ "التماسى" حيث يستعد الأطفال
لأدائها من أواخر شعبان وينتظرون بهجة التماسى التى يكسبون بها مقادير قليلة من
النقود.
وشعر التماسى وأداؤه مختلفاً عن
الأهازيج لأن ذلك الأداء هو نشيد الطفولة إذ لا تؤديه إلا مجاميع من الأطفال
مرددين:
يا رمضان يا بو الحمائم أدى لأبى قرعة دراهم
يا رمضان يا بو المدافع أدى لنا مخزن بضائع
ويعنى هذا النشيد أن الأطفال يطلبون
الرزق لآبائهم وذلك لأن رمضان يحتاج الكثير من الرزق وهذا يدل على أن رمضان مصدر
من مصادر الرزق من عند الله تعالى ويظل الأطفال على حالهم هذا طوال الأيام القلائل
السابقة لرمضان منتظرين قدومه العزيز.
ومن المظاهر الشعبية المتعارف عليها فى
اليمن السعيد بعد إنقضاء اليوم العاشر من رمضان يبدأ اليمنيون إحياء ليال تنافسية
فى إلقاء الشعر، وأداء الرقصات الشعبية وارتداء الأقنعة على الوجه.
أما عن الأكلات اليمنية الرمضانية نجدها
مميزة وتوجد الكثير من الطبخات الخاصة مثل الشفوط "المكون من الفطائر المسقية
باللبن" وما يسمى بالحامضة وهى عبارة عن الحلبة المطحونة والخل والسكر
والمعصوبة والشربة بمختلف أنواعها.
كما يتميز شهر رمضان فى اليمن بسهراته
ومجالسه الدينية التى يقرأ فيها القرآن الكريم والتناقش فى المسائل الدينية.
وهناك عادة ينفرد بها أهل اليمن خلال
الشهر وهى الإحتفال بالراغبين فى الزواج ليلة العشرين من رمضان، ويعد هذا إعلاناً
بأنهم سيدخلون عش الزوجية بعد إنتهاء الشهر المبارك ويتبادى العرسان بإظهار قوتهم
من خلال "المدارة" وهى لعبة شعبية، حيث يربط حبلان غليظان بجذع شجرة
ضخمة تعرف بـ "النالوق"، ويثبت بها كرسى والقوى من الشباب من يحقق أعلى
إرتفاع فى الهواء أثناء القفز، وهناك لجنة تحكيمية من كبار السن، أما الفائز من
الشباب فيفرح بتقدير أقرانه واللجنة المحكمة، مع إعجاب عروسه التى ترقب اللعبة مع
زميلاتها عن بُعد.