شريحة نيورالينك: كل ما تريد معرفته عن تقنية إيلون ماسك الجديدة.. فيديو
اخل دماغ إيلون ماسك، تتحول أكثر المشاكل
المعقدة في العالم إلى أشياء بسيطة، هل هناك ازدحام مروري من حولك؟ حسنًا، يمكنك أن
تأخذ الكبسولة التالية في الـ «هايبرلوب» الخارق تحت الأرض. انبعاثات الكربون تسبب
الدمار لكوكب الأرض؟ إليك أسطول من السيارات الكهربائية، وأثناء جلوسك بها، ربما تدعها
تقود نفسها بنفسها. لا تملك اتصالاً بالإنترنت؟ هذه مجموعة أقمار اصطناعية توفر لك
اتصالًا سريعًا بالإنترنت.
كوكب الأرض قد لا يصلح للحياة؟ حسنًا، يبدو
المريخ لطيفًا لكي نبني عليه المستعمرة البشرية القادمة. والآن تُظهر شركة نيورالينك
(Neuralink)، الخاصة بـ إيلون ماسك مع
مجموعة من رجال الأعمال، هذه الطريقة في التفكير لبعض الحلول لأصعب المشاكل التي نواجهها.
تقنية نيورالينك الجديدة عبارة عن شريحة
كمبيوتر صغيرة، يتم زرعها داخل الدماغ، بواسطة روبوت يشبه ماكينة الخياطة، عبر شبكة
من الأسلاك فائقة الدقة والمثبتة بالأقطاب الكهربائية، ومن المفترض أن تلتقط الإشارات
من الدماغ ثم تترجمها إلى تحكم بالحركة. يتخيل الكثيرون في هذا المجال استخدام مثل
هذه الواجهات العصبية للتحكم في أشياء مثل الأطراف الاصطناعية، أو ربما للتفاعل مع
أجهزتنا الذكية بصورة مباشرة. كما أن إيلون ماسك لديه بعض الأفكار الأكثر جرأة؛ فقد
وصف مشروع نيورالينك بشكل عام بأنه سيساعد على تحقيق التعايش مع الذكاء الاصطناعي.
مصفوفة داخل المصفوفة!
في حدث يوم الجمعة الماضي، كشف إيلون ماسك
عن مزيد من التفاصيل حول ما يقوم به جهاز نيورالينك، وخططه لربط أجهزة الكمبيوتر بالدماغ
البشري. بينما لا يزال تطوير هذه التقنية المستقبلية في مراحله الأولى، كان من المتوقع
أن يوضح الحدث الإصدار الثاني من روبوت صغير يقوم بإدخال خيوط الأقطاب الكهربائية الدقيقة
عبر الجمجمة إلى الدماغ، حيث ذكر ماسك قبل الحدث أنه “سيُظهر إطلاق الخلايا العصبية
في الوقت الفعلي. المصفوفة داخل المصفوفة”.
وفي هذا الحدث، عرض ماسك بعض الخنازير التي
جرب عليها نماذج أوّلية للروابط العصبية، وهي شريحة دائرية صغيرة يمكن تثبيتها في الجمجمة،
مزروعة في أدمغتهم، وآلات تتّبع نشاط أدمغة تلك الخنازير في الوقت الفعلي. حيث أظهر
رابط لاسلكي من جهاز الحوسبة نشاط دماغ الخنزير أثناء قيامه بالتدافع حول قلم على خشبة
المسرح.
يُظهر الحدث أن التقنية كانت أقرب بكثير
إلى تحقيق طموحات ماسك مما كانت عليه خلال طرح المنتج لأول مرة العام الماضي، عندما
عرضت شركة نيورالينك صورًا لفأر مع جهاز متصل عبر منفذ USB-C. لا يزال الأمر بعيدًا عن الاستخدام في الواقع، لكن ماسك قال إن إدارة
الغذاء والدواء الأمريكية FDA منحت الشركة الموافقة في يوليو الماضي ضمن برنامج الأجهزة المتطورة، وهو
برنامج يتيح للشركة الحصول على تعقيبات من الوكالة طوال عملية تطوير الجهاز.
تقنية ربط أجهزة الكمبيوتر بالدماغ البشري
ليست تقنية جديدة، ويتم استخدامها منذ سنوات بالفعل، مثل تقنية التحفيز العميق للدماغ
والتي تُستخدم لمرضى باركنسون. وكذلك تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، والتي
تستخدم المجالات المغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ، ويمكن استخدامها لعلاج
مرضى الاكتئاب.
تأسست شركة نيورالينك في عام 2016، وهي
شركة تقنية لعلوم الأعصاب تركز على بناء أنظمة الواجهات العصبية الآلية، وهي تقنية
تسمح لجهاز مثل الكمبيوتر بالتفاعل والتواصل مع الدماغ، والتي تملك أسلاكًا رفيعةً
للغاية تحمل الأقطاب الكهربائية، وعندما تُزرع داخل الدماغ، ستشكل هذه الأسلاك قناةً
عالية السعة لجهاز الكمبيوتر لكي يتواصل مع الدماغ، وهو جهاز يتمتع بالقدرة على التعامل
مع الكثير من البيانات. ومن المفترض أن يكون أقوى بكثير من الواجهات العصبية الآلية
الحالية التي يتم إجراء الأبحاث فيها.
أحد العوائق الرئيسية التي تمنع إدخال هذه
الأسلاك الدقيقة جدًا، والتي تكون أرق من خصلة شعر الإنسان، هي في الواقع صعوبة عملية
إدخالها للجمجمة ودخولها إلى الدماغ. ولهذا السبب تعمل شركة نيورالينك أيضًا على تطوير
روبوت صغير للغاية يربط القطب الكهربائي بالجمجمة من خلال الجراحة التي تكون مكثفة
مثل جراحة تصحيح النظر بالليزك. ويوم الجمعة، أوضح ماسك كيف تأمل الشركة في إجراء العملية
من خلال التخدير الموضعي في المستشفى ليوم واحد. هذا هو الهدف على الأقل، وإذا نجح
سيمثل قفزةً إلى الأمام بالنسبة للواجهات العصبية الآلية السابقة، والتي تطلبت عمليات
جراحية أكثر.
يمكن للواجهة العصبية الآلية أن تستخدم
الكهرباء التي يستخدمها الدماغ بالفعل لكي تعمل، بجانب سلسلة من الأقطاب الكهربائية
لتوصيل الدماغ بالآلة. تستشهد شركة نيورالينك بأمثلة سابقة استخدم فيها البشر الأقطاب
الكهربائية للتحكم في المؤشرات والأطراف الصناعية الآلية باستخدام عقولهم كأساس لنظام
عملها. ولكن الجديد في خطة الشركة هو جعل عملية توصيل الجهاز بالدماغ في أبسط أشكالها،
مع زيادة عدد الأقطاب الكهربائية بشكل كبير. حيث تريد الشركة جعل الواجهات العصبية
الآلية أسهل في التثبيت وأكثر قوة أيضًا.
وخلال الحدث، أظهر ماسك كيف سيبدو الجيل
الثاني من هذا الروبوت، وهو عبارة عن هيكل أبيض كبير مع خمس درجات من حرية الحركة.
كما أوضح أيضًا أنه في العام الماضي، قامت الشركة بتبسيط خططها الخاصة بجهاز يمكن ارتداؤه
يتصل بالأسلاك المزروعة في دماغ المستخدم. بينما تم تثبيت الجيل الأول من هذا الجهاز
خلف أذن الشخص، فإن الإصدار الأحدث عبارة عن جهاز صغير بحجم العملة المعدنية يمكن وضعه
أسفل الجزء العلوي من الجمجمة. حيث قارنه ماسك بالساعة الذكية قائلًا: “إنه يشبه نوعًا
ما جهاز Fitbit في جمجمتك بأسلاك صغيرة”.
افتتح إيلون ماسك حدث يوم الجمعة من خلال
التأكيد على مجموعة واسعة من المشاكل والأمراض العصبية وأمراض العمود الفقري، بما في
ذلك نوبات الصرع والشلل وتلف الدماغ والاكتئاب، والتي يمكن أن تساعد تقنية نيورالينك
في علاجها.
سوف تملك التقنية تركيزًا طبيًا في البداية،
مثل مساعدة الناس على التعامل مع إصابات الدماغ والحبل الشوكي أو العيوب الخلقية. يمكن
للتقنية، على سبيل المثال، أن تساعد المصابين بشلل نصفي ممن فقدوا القدرة على الحركة
أو الإحساس بسبب إصابات الحبل الشوكي، وسوف تهدف الاستخدامات البشرية الأولى للتقنية
إلى مساعدة حالات مثل الشلل النصفي أو الرباعي.
بالإضافة إلى طموحات إيلون ماسك، والذي
ذكر أن الجهاز يمكنه أن يساعد في حل أي عدد من المشاكل العصبية، من فقدان الذاكرة إلى
السكتات الدماغية إلى الإدمان، أو مراقبة صحة المستخدمين وتحذيرهم إذا تعرضوا لأزمة
قلبية على سبيل المثال.
من المفترض أن تكون التجارب السريرية الأولى
على عدد صغير من المرضى الذين يعانون من إصابات خطيرة في الحبل الشوكي، للتأكد من أن
التقنية تعمل وأنها آمنة. وعلى المدى الطويل، قال ماسك إنهم سوف يتمكنون من استعادة
الحركة الكاملة للأشخاص الذين يعانون من هذه الأنواع من الإصابات من خلال زرع شريحة
ثانية على العمود الفقري. لكن أهم ما يطمح فيه ماسك هو أن تحقق التقنية ما يسميه “التعايش
مع الذكاء الاصطناعي”، والذي يسمح للدماغ البشري بالاندماج مع الذكاء الاصطناعي في
المستقبل. لكن تظل كل هذه طموحات بعيدة المنال حتى الآن.
التحديات التي تواجه تقنية نيورالينك!
منذ حدث الإطلاق الأول العام الماضي، نشرت
الشركة ورقة علمية واحدة، في دورية Journal of Medical Internet
Research، في شهر أكتوبر. حيث وصفت الورقة تطور أجهزتهم
الآلية، وهي ذراع الروبوت التي ستقوم بإدخال الأسلاك إلى الجمجمة. وفي الورقة البحثية،
أكد ماسك وشركة نيورالينك بأنه “يجب مواجهة التحديات التقنية الهامة قبل أن يكون الجهاز
مناسبًا للتطبيقات السريرية”. وبدون أبحاث علمية في دوريات محكمة، فإن الأمر سيظل مجرد
أفكار طموحة مثل أفكار إيلون ماسك المعتادة.
هناك فجوة تقنية كبيرة بين ما هو ممكن حاليًا
في مختبرات الأبحاث اليوم والمفهوم الذي يتخيله إيلون ماسك، والذي يتطلب أجهزة يمكنها
التعامل مع كمية كبيرة من المعلومات والتي تدخل وتخرج من وإلى الدماغ.
وبالإضافة إلى التحديات التقنية، فإن تطوير
الواجهات العصبية الآلية يدخل أيضًا في منطقة أخلاقية وقانونية مجهولة، حيث يمكن للتقنية
أن تثير مخاوف جديدة مثل قرصنة المعلومات والبيانات على نطاق واسع. ثم هناك المخاطر
الصحية غير المتوقعة لإدخال أجهزة الكمبيوتر جراحيًا في أدمغة البشر.
ربما تكون طموحات ماسك بعيدة بعض الشيء
هنا، لكنه أوفى أيضًا ببعض الإنجازات المهمة سابقًا مثل إنتاج السيارات الكهربائية
وخفض تكاليف إطلاق الأقمار الاصطناعية. يمتلك ماسك موهبةً في اختيار مشاكل العمل التي
يصعب تحقيقها، ولكن في الوقت نفسه يمكن تحقيقها ببعض الطموح والتفكير. ولكي تنجح فكرته
الأخيرة، سيتوجب على شركة نيورالينك إقناع العلماء والأطباء والمجتمع العلمي بما تقدمه.
المصدر: محمد أحمد يوسف, عن إضاءات