الذوق سلوك الروح.. (10) قيادة السيارات فن وذوق
يقولون إن
قيادة السيارات فن وذوق وأضيف أيضا وتواضع. لأن كثيراً من اصحاب السيارات الفارهة
يلبسهم شعور من الأنانية والاستعلاء وعلى قدر قيمة السيارة المادية وعلامتها
التجارية العالمية. بقدر ما يتصور أن ما دون ذلك يجب أن يفسح له الطريق. حتى أن
أصحاب ورش إصلاح السيارات يقدرون أتعابهم تبعا لقيمة السيارة وليس تبعا للجهد الذي
يبذلونه!
فالسيارة التي
تطل من طريق جانبي على شارع رئيسي يظل صاحبها يترقب من يتكرم فيوسع له الطريق، غير
أن السيارات تسرع دون مبالاة. فالذوق والتعاون الإنساني يوجب إعطاءَه فرصة فكلنا
ذلك الرجل. وما أجمل وأمتع حين تراه وتسمعه يبتسم لك بإشارة أو كلمة شكر. وما أجمل
أن تسمع كلمة سيدنا عمر بن الخطاب حين يقول ( ثلاث يصفين لك ودّ أخيك ( أن تبدأه
بالسلام وأن تناديه بأحب الأسماء إليه وأن تفسح له في المجلس ) كما تفسح له في
الطريق.
فقد تتعطل
سيارة أو يصاب صاحبها في حادث فتكون هذه السوابق الأخلاقية مما يدفع الناس إلى
المشاركة الوجدانية والعلمية بصدق وإخلاص ( اللي يقدم السبت يلاقي الأحد قدامه)
ورسول الله r يقول لنا ( من حسن مما شاة المرء لأخيه المسلم أن يقف له إذا
انقطع شسع نعله ).
ومن حسن أدب من
يُدعى ليركب سيارة .. أن يركب إلى جوار صاحبها إذا كان وحده. فإذا كان وحده. فإذا
ركبت في هذه الحالة خلفه. فإن هذا غير لائق إذ تصبح أنت في هذه الحالة صاحب
السيارة. ويعتبر هو سائقها!!
ومن حسن الخلق
ألاَّ تسابق مَن أمامك وألا تضيق عليه الطريق. فإن ذلك تسبب عنه حوادث ووفيات
وجنايات. وبعض السيارات تتعطل في الطريق ولا تضع إشارات ضوئية ــ وبعضها يتعطل
ويترك على الطريق مخلفات من الزيوت والشحوم مما يسبب إنزلاق السيارات وبخاصة
الموتوسيكلات.
وبعضهم يقذف
بالبصاق بصورة بغيضة وآخرون يلقون بأعقاب السجاير وقشر الموز والبرتقال والمعلبات
الفارغة وغير ذلك. ويذكر أن عساكر المرور في إحدى الدول. يلتقطون مثل هذه الأشياء
مع أرقام هذه السيارات ويرسلونها في طرود بريدية إلى أصحابها مع حكم الغرامة.
وبعضهم يقوم
بتشغيل سيارته في أوقات غير مناسبة بعد الفجر حيث يقوم بتسخين السيارة فيكون صوتها
مزعجا يقلق النائمين والأطفال. وبعضهم يستعمل آلة التنبيه في تنبيه أحد زملائه في
إحدى العمارات ليذهب إلى العمل ويستمر في ذلك بصورة مزعجة. دون مراعاة لشعور
المرضى أو النائمين.
فعن المقداد ــ
t في حدثه الطويل. قال: كنا نرفع للنبي r: نصيبه من اللبن يجئ من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع
اليقظان ) رواه مسلم.
وكثيرا ما يحدث
أن يصدم أحدهم سيارة واقفة خالية من صاحبها فيوسوس له الشيطان أن يتابع سيره قبل
أن يتعرف عليه أحد! ولا أدري كيف يكون موقفه وشعوره إن الحق به أحد؟ ويكون جميلا
لو أنك انتظرت قليلا فإن لم تتعرف على صاحب السيارة التي أصيبت بالتلفيات. فعليك
أن تكتب له رسالة برقم تليفونك وعنوانك ليتصل بك حتى تسوّى معه هذا الذي حدث.
وأعتقد أنك حين تفعل ذلك يكون رد الفعل المصالحة والتسامح وذلك أفضل.
ومن واجب صاحب
السيارة أن يقف إذا لاحظ أن بعض المارة ينتظر عبور الشارع ولو لم يكن عند نقطة
العبور الرسمية ــ فإن الوقوف للمارة حتى يعبروا الطريق هو بمثابة شكر لله تعالى
أن أنعم عليك بسيارة تركبها وغيرك يمشي وإذا كان عندك فضل متسع في السيارة ووجدت
من يحتاج إلى ذلك وعاونته فإن ذلك مما يؤلف بين القلوب.
المصدر:
كتاب (الذوق سلوك الروح) لـ عباس السيسي